لِتَبَعِيَّتِهِ لِأَصْلِهِ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ لَا يَخْرُجُ مِنْ تُرَابِ الْحَرَمِ وَلَا يَدْخَلُ إلَيْهِ مِنْ الْحِلِّ) كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ (وَلَا يَخْرُجُ مِنْ حِجَارَةِ مَكَّةَ إلَى الْحِلِّ وَالْخُرُوجُ أَشَدُّ يَعْنِي فِي الْكَرَاهَةِ) وَاقْتُصِرَ فِي الشَّرْحِ عَلَى الْكَرَاهَةِ.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُكْرَهُ إخْرَاجُهُ إلَى الْحِلِّ وَفِي إدْخَالِهِ فِي الْحَرَمِ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الْفُصُولِ يُكْرَهُ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ كَتُرَابِ الْحَرَمِ وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ فِي تُرَابِ الْمَسْجِدِ انْتِفَاعًا بِالْمَوْقُوفِ فِي غَيْرِ جِهَتِهِ وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُسْتَشْفَى بِطِيبِ الْكَعْبَةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا وَيَلْزَقُ عَلَيْهَا طِيبًا مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ يَأْخُذُهُ قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: لَا وَضْعَ الْحَصَا فِي الْمَسَاجِدِ أَيْ: لَا يُكْرَهُ وَيَحْرُمُ إخْرَاجُ تُرَابِهَا وَطِيبِهَا.
(وَلَا يُكْرَهُ إخْرَاجُ مَاءِ زَمْزَمَ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَخْلَفُ فَهُوَ كَالثَّمَرَةِ) قَالَ أَحْمَدُ أَخْرَجَهُ كَعْبٌ اهـ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّهَا كَانَتْ تَحْمِلُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَتُخْبِرُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَحْمِلُهُ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(وَمَكَّةُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَدِينَةِ) لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ الْحَمْرَاءِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَلِمُضَاعَفَةِ الصَّلَاةِ فِيهِ أَكْثَرُ وَأَمَّا حَدِيثُ «الْمَدِينَةُ خَيْرٌ مِنْ مَكَّةَ» فَلَمْ يَصِحَّ وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا قَبْلَ الْفَتْحِ وَنَحْوُهُ: حَدِيثُ «اللَّهُمَّ إنَّهُمْ أَخْرَجُونِي مِنْ أَحَبِّ الْبِقَاعِ إلَيَّ فَأَسْكِنِّي فِي أَحَبِّ الْبِقَاعِ إلَيْكَ» يُرَدُّ أَيْضًا: بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَمَعْنَاهُ: أَحَبُّ الْبِقَاعِ إلَيْك بَعْدَ مَكَّةَ (وَتُسْتَحَبُّ الْمُجَاوَرَةُ بِهَا) أَيْ: بِمَكَّةَ لِمَا سَبَقَ مِنْ أَفْضَلِيَّتِهَا وَجَزَمَ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ بِأَنَّ مَكَّةَ أَفْضَلُ، وَأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ بِالْمَدِينَةِ أَفْضَلُ وَذَكَرَ قَوْلَ أَحْمَدَ الْمُقَامُ بِالْمَدِينَةِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمُقَامِ بِمَكَّةَ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مَهَاجِرُ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَشِدَّتِهَا إلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ وَسَعْدٍ وَفِيهِنَّ " أَوْ شَهِيدًا " وَتُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ وَالسَّيِّئَةُ بِمَكَانٍ وَزَمَانٍ فَاضِلَيْنِ (وَلِمَنْ هَاجَرَ مِنْهَا) أَيْ: مَكَّةَ (الْمُجَاوَرَةُ بِهَا) كَغَيْرِهِ.
(وَمَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ) نَبِيّنَا (مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْبَرَاهِينُ (وَأَمَّا نَفْسُ تُرَابِ تُرْبَتِهِ) - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَلَيْسَ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْكَعْبَةِ بَلْ الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ) قَالَ فِي الْفُنُونِ: الْكَعْبَةُ أَفْضَلُ مِنْ مُجَرَّدِ الْحُجْرَةِ فَأَمَّا وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute