للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَشَجَرَةَ رُمَّانٍ تُخْرِجُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً يَتَعَبَّدُ يَوْمَهُ فَإِذَا أَمْسَى نَزَلَ فَأَصَابَ مِنْ الْوُضُوءِ، وَأَخَذَ تِلْكَ الرُّمَّانَةَ فَأَكَلَهَا ثُمَّ قَامَ لِصَلَاتِهِ فَسَأَلَ رَبَّهُ عِنْدَ وَقْتِ الْأَجَلِ أَنْ يَقْبِضَهُ سَاجِدًا، وَأَنْ لَا يَجْعَلَ لِلْأَرْضِ، وَلَا لِشَيْءٍ يُفْسِدُهُ عَلَيْهِ سَبِيلًا حَتَّى يَبْعَثَهُ، وَهُوَ سَاجِدٌ قَالَ فَفَعَلَ فَنَحْنُ نَمُرُّ عَلَيْهِ إذَا هَبَطْنَا، وَإِذَا خَرَجْنَا فَنَجِدُ لَهُ فِي الْعِلْمِ أَنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ فَيَقُولُ لَهُ الرَّبُّ: أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِي، فَيَقُولُ: رَبِّ بَلْ بِعَمَلِي فَيَقُولُ اللَّهُ: قَايِسُوا عَبْدِي بِنِعْمَتِي عَلَيْهِ وَبِعَمَلِهِ، فَيُوجَدُ نِعْمَةُ الْبَصَرِ قَدْ أَحَاطَتْ بِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ وَبَقِيَتْ نِعْمَةُ الْجَسَدِ فَضْلًا عَلَيْهِ فَيَقُولُ: أَدْخِلُوا عَبْدِي النَّارَ فَيُجَرُّ إلَى النَّارِ فَيُنَادِي: رَبِّ بِرَحْمَتِك أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ فَيَقُولُ: رُدُّوهُ فَيُوقَفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ يَا عَبْدِي مَنْ خَلَقَك، وَلَمْ تَكُ شَيْئًا؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَنْ قَوَّاك لِعِبَادَةِ خَمْسِمِائَةِ سَنَةٍ؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ، فَيَقُولُ: مَنْ أَنْزَلَك فِي جَبَلٍ وَسَطَ اللُّجَّةِ، وَأَخْرَجَ لَك الْمَاءَ الْعَذْبَ مِنْ الْمَاءِ الْمَالِحِ، وَأَخْرَجَ لَك كُلَّ لَيْلَةٍ رُمَّانَةً، وَإِنَّمَا تَخْرُجُ مَرَّةً فِي السَّنَةِ، وَسَأَلْتَهُ أَنْ يَقْبِضَك سَاجِدًا فَفَعَلَ؟ فَيَقُولُ: أَنْتَ يَا رَبِّ قَالَ: فَذَلِكَ بِرَحْمَتِي، وَبِرَحْمَتِي أُدْخِلُك الْجَنَّةَ، أَدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ، فَنِعْمَ الْعَبْدُ كُنْتَ يَا عَبْدِي فَأَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ قَالَ جِبْرِيلُ: إنَّمَا الْأَشْيَاءُ بِرَحْمَةِ اللَّهِ يَا مُحَمَّدُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ» .

مَطْلَبٌ: حِكَايَةُ مَنْ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ الصَّخْرَةُ.

وَفِيهِ كَلَامٌ نَفِيسٌ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْغَارِ الَّذِينَ انْطَبَقَتْ عَلَيْهِمْ الصَّخْرَةُ وَقَدْ قَدَّمْت حَدِيثَهُمْ.

قَالَ: فَإِنَّ أَحَدَهُمْ تَوَسَّلَ بِعَمَلٍ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحْيِيَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ عَزَمَ عَلَى الزِّنَا ثُمَّ خَافَ الْعُقُوبَةَ فَتَرَكَهُ.

فَلَيْتَ شِعْرِي بِمَاذَا يُدِلُّ مَنْ خَافَ أَنْ يُعَاقَبَ عَلَى شَيْءٍ فَتَرَكَهُ لِخَوْفِ الْعُقُوبَةِ إنَّمَا لَوْ كَانَ مُبَاحًا فَتَرَكَهُ كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ.

وَلَوْ فَهِمَ لَشَغَلَهُ خَجَلُ التُّهْمَةِ عَنْ الْإِدْلَالِ كَمَا قَالَ يُوسُفُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

وَالْآخَرُ تَرَكَ صِبْيَانَهُ يَتَضَاغَوْنَ إلَى الْفَجْرِ لِيَسْقِيَ أَبَوَيْهِ اللَّبَنَ.

وَفِي ضِمْنِ هَذَا الْبِرِّ أَذًى

<<  <  ج: ص:  >  >>