للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم من يسب الدين]

السؤال

ما حكم من يسب دين الله عز وجل؟

الجواب

سب الدين كفر وردة، وخروج من دين الله عز وجل، إذ كيف يسب ديناً ارتضاه الله عز وجل للناس فقال: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣].

فسب الدين كفر، وصاحبه لابد أن يستتاب، وأن تقام عليه الحجة، وأن يعرف الحكم الشرعي، فإن أصر على فعله يقتل ولا يكفن، ولا يغسل، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يصلى عليه، ويفسخ عقد الزوجية من زوجته، وليس عليه ولاية على أبنائه في الزواج أو في غيره؛ لأنه كفر كفراً يخرج من الملة، ومن سمعه عليه أن ينكر، لكن ينكر على حسب طاقته، فإن تغيير المنكر على حسب الاستطاعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فإن لم تستطع أن تغير إلا بالقلب فهذا أضعف الإيمان، فلا تغير المنكر ويترتب على تغييره منكر أشد، وهذه نقطة مهمة جداً، لا كما يفعل البعض الآن يزيل منكراً ويزرع بدلاً منه منكراً أشد، فيا عبد الله! لا يجوز أن تغير المنكر إن ترتب على تغييره منكر أشد، يقول ابن تيمية: ليس العاقل الذين يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين، ومر على جنود التتار وهم يشربون الخمر فقال أحد التلامذة: دعني أنهاهم عن شربها؛ فإن الخمر حرام، فقال: اتركهم يشربون، قال: كيف؟ قال: إن الله نهانا عن الخمر؛ لأنها تصدنا عن ذكر الله وعن الصلاة، أما هؤلاء فإن شربوا الخمر أخذت برءوسهم وانشغلوا بشربها عن قتل المسلمين وسبي النساء، فأيهما أولى: الشرب أو أن يتفرغوا لقتالنا؟ يشربون أفضل، فانظروا كيف قارن بين مفسدة ومفسدة، لذلك عليك أن تقارن بين المفسدتين وتختار أقل المفسدتين، قال عز وجل: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} [البقرة:٢١٧] ثم قال: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة:٢١٧]، يعني: هذا أكبر من هذا، قالوا: يا رسول الله: تقتلنا في الأشهر الحرم؟ هذا شيء كبير، فقال لهم الله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة:٢١٧]، فهذه مفسدة، لكن هذه مفسدة أكبر ومفسدة أعظم.

فاختيار أدنى المفسدتين هذا من رجاحة العقل، والله تعالى أعلم.