[وقت فرض الحج وحكمه وشروطه]
السؤال
متى فرض الحج؟ وما حكمه الشرعي؟ وما فضله؟
الجواب
فرض الحج على النبي صلى الله عليه وسلم في العام التاسع من الهجرة، والآراء في هذه المسألة انقسمت إلى ثلاثة أقوال: منهم من قال: في العام السادس.
ومنهم من قال: في العام التاسع.
ومنهم من قال: في العام العاشر.
وأرجح الأقوال: أنه في العام التاسع، كما حقق ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى، ويترتب على قولنا: إن الحج فرض في العام التاسع أنه من آخر الفروض على نبينا عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام مات في العام الحادي عشر، فالذين يقولون: إن الحج على التراخي قالوا: إنه فرض في العام السادس والنبي صلى الله عليه وسلم حج في العام التاسع أو آخر التاسع، يعني: بعد أربع سنوات، لكننا نقول: بل الحج فرض في العام التاسع، وحج بعدها النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة، وما أخر الحج في العام الذي يليه إلا لعلة؛ أرسل الصديق ليطهر البيت وليعلن في الناس أنه لا يطوف بعد اليوم بالبيت عريان، ومن ثم دليلهم أن الحج على التراخي دليل باطل مرجوح، ففرض الحج كان في العام التاسع من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
وحكم الحج: أنه فرض على كل مسلم بالغ عاقل حر مستطيع، ويضاف إلى ذلك بالنسبة للنساء وجود المحرم، وهذا يجرنا للحديث عن سؤال ألا وهو: متى يجب الحج؟ وعلى من يجب؟ وهذا سؤال مهم لأننا إذا نظرنا في واقعنا المؤلم نجد أن الكثير يملكون القدرة على الحج ويؤخرونه بزعم أن النبي حج على التراخي، فتجد أحدهم يقول: أزوج البنات وأؤمن المستقبل ثم أحج، فيؤخر الحج إلى آخر حياته، وهذا لا يجوز أبداً.
الإمام الذهبي في كتاب الكبائر ذكر كبيرة ترك الحج مع القدرة عليه ونقل عن سعيد بن جبير أنه قال: مات لي جار موسر وسع الله عليه فلم يحج، فأبيت أن أصلي عليه صلاة الجنازة.
سعيد بن جبير أبى أن يصلي عليه لأنه ما حج مع قدرته على الحج، فربما المرء يمتلك عقارات وسيارات ويقول: أنا غير قادر على الحج.
فنقول: يا عبد الله! اتق الله وحج.
وشروط الحج خمسة، وبالنسبة للنساء تزداد شرطاً: أولاً: الإسلام، فلا يقبل الحج من كافر، قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر:٦٥] وعلى هذا نقول للحاج: ينبغي أن تطهر عقيدتك من الشرك، فلا تحج وتقول: المدد يا بدوي! أو تحج وتنذر لغير الله! أو تحج وتسبح لغير الله! فإن الشرك محبط للعمل.
ثانياً: أن يكون بالغاً، فالحج لا يجب إلا على البالغ، ويصح من الصبي إن لم يبلغ ولكن لا يجب عليه، وعلامات البلوغ عند الذكور ثلاثة تزداد النساء بواحدة: أن ينبت شعر العانة، فإن نبت شعر العانة نقول: بلغ، أو الاحتلام، فإن احتلم نقول: بلغ، أو بلوغه خمس عشرة سنة، ويزداد في حق النساء الحيض، فإن حاضت المرأة في سن التاسعة فقد بلغت، فإن أدى الصبي الحج قبل بلوغه يقبل منه، لكنه لا يسقط عنه حجة الإسلام، بل لابد أن يحج بعد ذلك.
ثالثاً: الاستطاعة، قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:٩٧] والاستطاعة هي: أن يملك الزاد ويملك الراحلة، بمعنى: أنه يستطيع أن يصل إلى بيت الله عز وجل، كما أنه يملك النفقة التي تعينه على الوصول، كما أنه يترك لأهله ما يكفيهم في حال سفره، فهذا البند بند الاستطاعة لو قمنا بإعداد دراسة واقعية على مجتمع المسلمين في مصر سنجد العجب العجاب، في أي شريحة، سواء شريحة الأطباء أو شريحة المحامين أو شريحة المدرسين، فإن كثيراً منهم يملكون الآلاف المؤلفة ويبخلون على ربهم عز وجل بزعم أن الحج على التراخي، وهذا كلام باطل، فحجوا قبل ألا تستطيعوا أن تحجوا.
الشرط الرابع: العقل، فالعقل مناط التكليف.
الشرط الخامس: الحرية.
الشرط السادس بالنسبة للنساء: وجود المحرم، فلا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مع غير ذي محرم، وقد يقول قائل: حتى وإن كان مع صحبة آمنة؟ فنقول: حتى وإن كان مع صحبة آمنة.
وأما قول الشافعي ومالك فمرجوح بالحديث؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم سأله رجل أنه يريد أن يخرج للغزو وأخبره أن زوجته ذهبت للحج، فقال: (انطلق فحج مع امرأتك) فأمره أن يترك الجهاد ليحج مع امرأته، أما أن تخرج المرأة دون محرم فحجها إن كان صحيحاً فعليها هذا الإثم العظيم، والمرأة بدون محرم فتنة لا يجوز لها السفر بحال، فإن يسر الله لها الاستطاعة والقدرة ولم تجد المحرم فهي غير مكلفة، وتسقط عنها الفريضة؛ لعدم وجود المحرم، والله تعالى أعلم.