[فضل الأيام العشر الأولى من ذي الحجة وأحكام الأضحية]
هذه الأيام المباركة قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن عباس: (ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيها من هذه الأيام العشر -أي: العشر الأوائل من ذي الحجة- قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله، قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بأهله وماله فلم يرجع من ذلك بشيء).
والمقصود: أن العمل الصالح في هذه الأيام المباركة يضاعف أجره، وكلمة العمل الصالح عامة تجمع كل العمل الصالح، فالصيام من العمل الصالح، وقراءة القرآن من العمل الصالح، وقيام الليل من العمل الصالح، والذكر من العمل الصالح، والتكبير من العمل الصالح، والإنفاق من العمل الصالح، ففي هذه الأيام المباركة لابد أن نضاعف الأعمال الصالحة، (فما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيها من هذه الأيام العشر)، وكفى أن نعرف أن في هذه الأيام يوم عرفة، وهو خير يوم طلعت فيه شمس العام، روى مسلم في صحيحه عن أبي قتادة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر سنة ماضية وسنة باقية)، فأي مسلم لا يحرم نفسه من هذا الفضل الكبير.
أما نسك الأضحية ففي يوم النحر أو أيام التشريق، والمعنى: أن الأضحية تذبح بعد صلاة العيد، فمن ذبحها قبل الصلاة لا تجزئ، فإنما هو لحم قدمه لأهله، وعليه أن يذبح مرة أخرى، ولا يجزئ أن يقدم الغني مالاً بدلاً من الأضحية؛ لأن المقصود إراقة الدماء؛ ولذلك سمي بيوم النحر، وفي الحديث: (ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين) وضع رجله الطاهرة على صفاحهما وذبح الأول بيده وقال: (اللهم إن هذا عن محمد وعن آل محمد)، وذبح الثاني عن فقراء المسلمين من أمة النبي صلى الله عليه وسلم، ثم جاء في حديث آخر: (أن السيدة عائشة وزعت اللحوم ولم يبق في بيتها إلا كتف، فلما سألها النبي صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله! ذهبت كلها ولم يبق إلا كتفها.
قال: يا عائشة! بل بقيت كلها، ولم يذهب إلا كتفها)، {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:٩٦]، فيا ليتنا نعيش هذا المعنى.
ويجزئ في الأضاحي من الضأن الذي له من ستة أشهر، ومن الماعز ماله سنة، ومن الإبل ماله خمس سنين، ومن البقر ماله سنتان، ولا يجزئ من الأضاحي العوراء البين عورها، ومن باب أولى العمياء، ولا العضباء التي كسر أحد قرونها، ولا الهزيلة ولا المريضة، ولا الجرباء كما قال العلماء، أي: أن الأضحية لابد أن تكون سليمة؛ لأنك تقربها إلى الله عز وجل، فينبغي أن تقرب من طيب مالك، قال تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران:٩٢].
والمركز الإسلامي يقوم على هذه النسك بفضل الله سبحانه، والفقير -كما تعلمون- لا يأكل اللحم إلا في عيد الأضحى، فقد قرر المركز أنه من أراد أن يذبح أضحية يتوجه إلى قسم الصدقات، ويحصل على إيصال يسمي فيه ما يريد من ذبح أضحية؛ لأن ذبح الأضحية له شروط، وإذا أراد أن يتصدق بمبلغ يسير لشراء لحم للفقراء والمساكين فهذا أمر آخر.
ففي هذه الأيام المباركة ينبغي أن نضاعف الأعمال الصالحة، فقد كان ابن عمر إذا دخل السوق في العشر الأوائل من ذي الحجة كبر فيكبر الناس لتكبيره، فيرتج السوق بالتكبير، قال تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج:٣٤].
فما أحوجنا أن نعود إلى ربنا، وأن نجدد التوبة والاستغفار، وأن نندم على فعل المعاصي، فلا ندري هل يمتد بنا الأجل لنشهد العشر الأول مرة أخرى أم أن أعمارنا قصيرة، فإن الآجال بيد الله، فكم من غال واريناه التراب، وكم من صديق فارقنا، وهكذا الدنيا.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، اللهم استر عوراتنا، وآمن روعاتنا.
نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا.
اللهم إنا نسألك يا ربنا! عيشة رضية، وميتة سوية، ومرداً غير فاضح.
اللهم إنا نسألك أن تستر عوراتنا.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك.
اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا.
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
اللهم يا مثبت القلوب! ثبت قلوبنا على دينك، اللهم يا مصرف القلوب! صرف قلوبنا إلى طاعتك.
اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء، ومن الذل بعد العز.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأذل الشرك والمشركين بقوتك يا قوي يا متين.
اللهم انصر عبادك المستضعفين في فلسطين، اللهم انصر عبادك المستضعفين في فلسطين.
اللهم أرنا في اليهود آية فإنهم لا يعجزونك يا رب العالمين.
اللهم ارزقنا قب