طلاق المكره لا يقع، والطلاق عند الغضب لا بد أن يعرف حد الغضب، فالغضب عند العلماء: ألا يشعر بما قال، وألا يشعر بما قيل له، تحدثه فلا يسمع ولا يعي ما يقول، ليس الغضب معناه: أن يصل إلى درجة الاستفزاز ثم يطلق، وهو يعي أن اللسان أخرج هذا اليمين، فالطلاق يقع.
أما طلاق المكره فلا يقع، وهذه الفتوى هي التي جلد من أجلها الإمام مالك، لما سئل في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم: هل طلاق المكره يقع؟ فقال: طلاق المكره لا يقع.
والمشكلة في ذلك: أن ولي أمر المدينة بايعه الناس بالإكراه، فطالما طلاق المكره لا يقع إذاً: بيعة المكره لا تقع، فأرسل إليه ولي الأمر وقال: يا مالك! عد إلى مجلسك وقل: بل طلاق المكره يقع، غيّر رأيك؛ لأنك تعرف كيف توليت أنا الإمارة.
قال: لا يمكن أن أقول هذا، فأمر به ولي الأمر فجلدوه، فمحنة الإمام مالك في فتوى ليست فتوى حسب الطلب، وإنما فتوى شرعية يتقي الله عز وجل فيها.