الحمد لله رب العالمين {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ}[السجدة:٧]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، يغني فقيراً، ويفقر غنياً، ويعز ذليلاً، ويذل عزيزاً، ويملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، مستو على عرشه، بائن من خلقه، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، تنزه عن الزوجة والولد:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١].
وأشهد أن نبينا ورسولنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا أيها الإخوة الكرام الأحباب! ينبغي أن يكون الكلام موافقاً لمقتضى الحال، ونحن في هذه الأيام المباركة ينبغي علينا أن نعيش مع الحج؛ ولذلك سيتعلق الحديث بخطبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، المعروفة عند العلماء بخطبة الوداع، أبلغ خطبة عرفها التاريخ، وأجمع خطبة جمعت فأوعت على جبل عرفة، وفي يوم التاسع من ذي الحجة، وبين المسلمين بعد أن أكمل الله الدين، وأتم النعمة، وجاء الحق وزهق الباطل، وارتفعت راية التوحيد بعد أن أخرجوا من مكة أذلاء رغم إرادتهم، عادوا مرفوعي الرأس، قال تعالى:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ}[الإسراء:٨١]، وشعارهم:{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:٥١].
شاء الله عز وجل أن يرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم جهود ثمرة الدعوة في هذه اللحظات، فإلى أذن الدنيا نقول: وثيقة حرمات لا حقوق، إن كانت منظمات العالم تدعي اليوم أن هناك منظمات لحقوق الإنسان فنحن نقول: هي وثيقة حرمات وليست حقوقاً، يصدرها نبينا صلى الله عليه وسلم للدنيا بأسرها، نعيش مع بعض ملامحها ونتم في اللقاء القادم إن شاء الله.