الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرة وباطنة، {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ}[النحل:٥٣]، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ}[إبراهيم:٣٤]، خلقنا من عدم، وأطعمنا من جوع، وكسانا من عري، وهدانا من ضلال، فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير، {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[المائدة:١٢٠]، يغني فقيراً، ويفقر غنياً، ويعز ذليلاً، ويذل عزيزاً، ويملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، مستوٍ على عرشه، بائن من خلقه، لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، قلوب العباد بين إصبعين من أصابعه يقلبها كيف شاء وحسبما أراد، فاللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على دينك، واللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى طاعتك، وأشهد أن نبينا ورسولنا وشفيعنا وسيدنا محمداً صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، قال للناس في حجة الوداع يوم عرفة وكانوا يزيدون على المائة الألف:(إنكم ستسألون عني يوم القيامة فماذا أنتم قائلون؟ فارتفعت الأصوات تقول: نشهد أنك بلغت الرسالة يا رسول الله، فجعل يرفع سبابته إلى السماء ثم ينكتها إلى الأرض قائلاً: اللهم فاشهد)، ونحن نشهد أنك بلغت الرسالة يا رسول الله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين، شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره، وكما قال حسان: وضم الإله اسم النبي إلى اسمه إذا قال في الخمس المؤذن أشهد وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[آل عمران:١٠٢].