الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فلقد دعا إبراهيم وولده إسماعيل بثلاث دعوات وهما يرفعان القواعد من البيت، وأول دعوة دعاها قال:{رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا}[البقرة:١٢٧]، وكان بعض السلف يبكي ويقول: يا خليل الرحمن! ترفع بيت الرحمن وتخشى ألا يتقبل الله منك! وقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ}[المؤمنون:٦٠]، والمقصود بذلك: أن العبد الصالح يفعل الطاعات ويصلي ويزكي ويصوم ويأمر بالمعروف ولكنه يخشى ألا يتقبل الله منه، ولذلك يقول ابن دقيق العيد: كل عمل مقبول صحيح، وليس كل عمل صحيح مقبول، فقد يكون العمل صحيحاً مستوفياً شروطه ولكن الله عز وجل لا يقبله، وليس لأعمالنا قيمة إن لم يتقبلها الله عز وجل، ولذلك يقول سبحانه:{وَبَدَا لَهُمْ مِنْ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:٤٧].
وقبول الأعمال له شرطان: الشرط الأول: أن يكون خالصاً لوجه الله عز وجل.
الشرط الثاني: أن يكون موافقاً لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فالإخلاص والمتابعة شرطان لقبول العمل عند الله تبارك وتعالى، وقد كان أبو هريرة رضي الله عنه يغشى عليه إذا حدث بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(أول من تسعر بهم النار يوم القيامة ثلاثة: عالم ومتصدق ومجاهد، أما العالم فيسأله ربه: تعلمت العلم فماذا صنعت به؟ فيقول: يا رب! ما تركت مكاناً إلا ودعوت إليك فيه، فيقول له الله تعالى: كذبت، ولكنك تعلمت وعلمت ليقال عنك: عالم، وقد قيل، خذوه إلى النار).
فطهر أعمالك يا عبد الله، فطريق الخلاص هو الإخلاص، إخلاص العمل لله تبارك وتعالى، فأخلص عملك يكفك القليل كما قال العلماء.