ليلة القدر من الليالي المهمة التي ينبغي أن نحييها بالطاعة والذكر، وأن نطلب فيها الإخلاص، وأن ندعو الله سبحانه وتعالى فيها؛ لأنها ليلة قال الله فيها:{خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:٣] والألف شهر تساوي ٨٣ سنة وأربعة أشهر، لذا كان من رحمة الله عز وجل أن أعطانا هذه الليلة المباركة، لتزداد أجورنا وأعمالنا في هذا العمر القصير، إذ إن أعمار هذه الأمة بين الستين والسبعين، فانظر إلى هذا الفضل الكبير.
والتماس ليلة القدر من السنة، فيلتمسها ويتحراها المسلم في العشر الأواخر كما قال صلى الله عليه وسلم:(التمسوها في العشر الأواخر من رمضان)، وقد خرج عليه الصلاة والسلام يوماً إلى أصحابه ليخبرهم متى هي، فوجد رجلين من أصحابه قد تلاحيا، أي: تشاجرا وتنازعا، فقال:(كنت قد خرجت لأخبركم متى هي، إلا أن الله أنسانيها)، ثم قال:(التمسوها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان) أي: ليلة ٢١ و ٢٣ و ٢٥ و ٢٧ و ٢٩، فهذه هي الليالي الوترية، وابن عباس رضي الله عنهما كان له رأي، وهو: أنها ليلة السابع والعشرين، وله أدلة هو وأُبي بن كعب الموافق له: فعدد السماوات سبع، وعدد الأرضين سبع، والطواف حول البيت سبعة أشواط، والمصلي يسجد على سبعة أعضاء، وظل يعدد كل ما ورد فيه لفظ السبع، فيقول: أنا أرى أنها ليلة السابع والعشرين.
لكن الحقيقة أن الله قد أخفاها لحكمة، وهي أن نحيي هذه الليالي المباركة بالذكر والطاعة، قالت عائشة:(يا رسول الله! أرأيت إن علمت ليلة القدر ماذا أقول؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني)، دعاء فيه إجمال، وماذا يريد العبد إذا عفا الله عنه؟! وفي آخر البقرة:{وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}[البقرة:٢٨٦] والمساجد ينبغي أن يكون فيها صلاة طوال ليالي العشر الأواخر، فإذا تعب إمام ساعده إمام آخر، والمسلم إذا نام فلينم قليلاً، ثم يقوم للتهجد والقيام في ليلة القدر، وينبغي أيضاً أن نحيي هذه الليالي بطاعة الله تبارك وتعالى، وأفضل الأدعية التي تقال في هذه الليلة: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني، والله أعلم.