لابد أن ننظر إلى أنواع البيوع المحرمة، منها: بيع النجش، وبيع النجش هو المزايدة في الوكالات، والمزايدة حلال في أصلها، والصورة المحرمة هي أن صاحب الوكالة يشجع على البيع بخمسة لا يبيعون ولا يشترون؛ فيدخل الأول المزاد ويقول: سأشتريها بعشرين جنيهاً، وهو لا يشتري ولا يبيع، وإنما يرفع السعر على أخيه المسلم، وفي آخر الأمر يقبض من صاحب الوكالة أجرته، هذا هو بيع النجش وهو حرام.
كذلك بيع العينة حرام، وبيع العينة مثلاً أن رجلاً يحتاج إلى مبلغ من المال، وأصحاب الأموال -كما تعلمون- يخشون أن تخرج النقود فيصابون ببرد، فلابد أن يستدفئوا بأموالهم، والمكروب يسعى إلى تفريج كربه، لكن لابد أن يعمل مشروعاً، فيقابل أحد هؤلاء الذين يحتالون على شرع الله، فيقول: أنا أعرف طريقة تحصل بها على المال دون مشقة، عليك أن تذهب إلى تاجر سيارات وتشتري منه ما تحتاج ثم تحرق السلعة ببيعها ممن اشتريتها منه بسعر أقل، يعني: يشتري منه السيارة بعشرين ألف، ويبيعها له هو بعشرة آلاف أو خمسة عشر ألف، وكأنه أخذ الخمسة عشرة ألفاً بعشرين ألفاً ووقع على إيصالات مقابل السداد لعشرين ألفاً، ثم يبيعها له، هذا هو بيع العينة، فإن باعها إلى غيره سماه العلماء التورق، وهو أن أحصل على السلعة، وأنا لا أريد سلعة وإنما أريد مالاً، ثم أبيع السلعة من تاجر آخر لا من نفس التاجر، وأقل الأقوال فيه الكراهة، لكن ابن القيم في إعلام الموقعين ذهب إلى حرمته؛ لأن الأعمال بالباعث والإرادة، وهو لم يرد سلعة، وإنما أراد مالاً.
وأساتذة الاحتيال على شرع الله حرم الله عليهم الصيد في يوم السبت، قال تعالى:{إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ}[الأعراف:١٦٣]، واشتاقوا لأكل السمك، ورأوا السمك بأعينهم يخرج فوق سطح الماء في يوم السبت، وباقي أيام الأسبوع يختفي السمك، فربطوا الحيتان من رءوسها في يوم السبت، وجعلوا طرف الحبل عندهم في بيوتهم بحيث إذا مر السبت لم يصطادوا، حتى إذا كان يوم الأحد جذبوه، يعني: قيدوا حركة السمك في يوم السبت وقالوا: نحن لم نصطد يوم السبت، فماذا صنع الله بهم؟ مسخهم إلى قردة، يقول ربنا سبحانه:{وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً}[البقرة:٦٥].
لذلك داروين اليهودي الأصل نظر إلى هذه القضية في الكتب السماوية فعلم أن أجداده قد مسخوا قردة وخنازير، فوضع نظرية تسمى: نظرية النشوء والارتقاء، وفحواها أن الإنسان كان في الأصل قرداً، ثم تطور إلى أن أصبح إنساناً، فـ داروين عنده عقدة من القرود؛ وذلك لأن جده قرد، فوصف البشرية بأنها كلها قرود.
فالمهم أن نتقي الله سبحانه وتعالى في شرائنا وفي بيوعنا، فإذا اشتريت قميصاً واشترط عليك البائع ألا تفتح القميص، فيعطيك إياه في الكيس دون فتح، وتدفع دون أن تنظر إليه فإن هذا لا يجوز؛ لأنه يشترط في البيع أن تعاين السلعة معاينة واضحة، فلا تشتر المجهول.
وهكذا يترتب على عدم تطبيق شرع الله المشاكل، البيع والشراء لابد أن يكون لأجل معلوم، وبسعر معلوم، ولا تشتري دون أن تحدد السعر، وأن تشتري ما يملكه البائع، فهذه كلها تعاملات في حياتنا دخلها الربا دون قصد أو بقصد، فالله الله في تعاملاتكم، عضوا على سنة رسولكم صلى الله عليه وسلم بالنواجذ، فقد قال:(ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع تحت قدمي).