الصفة الأولى: قال تعالى: {الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا}[الفرقان:٦٣]، صفة التواضع وضده الكبر، ورب العالمين تبارك وتعالى قد ذم الكبر في كتابه فقال عز وجل:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}[غافر:٦٠]، أي: يستكبرون عن دعائي: {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:٦٠]، وقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم الكبر في أكثر من حديث، فما هو الكبر حتى نتجنبه؟ وما هي أنواع الكبر؟ وما هي درجات الكبر؟ ثم نذكر نماذج من تواضع سلفنا الصالح، أضف إلى ذلك تواضع خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، فأقول: قد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن الكبر هو: رد الحق واحتقار الناس، ففي الحديث عند الإمام مسلم لما قال عليه الصلاة والسلام:(لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، قال رجل: يا رسول الله إني أحب أن يكون نعلي نظيفاً، وثوبي نظيفاً، أذاك من الكبر يا رسول الله؟ قال: لا، الكبر بطر الحق)، يعني: رد الحق، ولذلك كان من صفات عباد الرحمن: أنهم يقبلون الحق ولو من صبي صغير طالما معه دليل، وأما الكبر على الحق، ورد الحق فهو من صفات عباد الشيطان، واحتقار الناس بأن ينظر إليهم وكأنهم أدنى منه.
ثم انظر إلى تواضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم: فقد كان يلتحف الأرض، ويردف خلفه، وكان صلى الله عليه وسلم يصافح الصبية، تقول أمنا عائشة:(كان يخصف نعله في بيته عليه الصلاة والسلام، ويكنس بيته، ويعاون زوجاته صلى الله عليه وسلم).
ولذلك يقول الأحنف بن قيس: عجباً لابن آدم، يتكبر على وجه الأرض وقد خرج من مجرى البول مرتين: من مجرى بول أبيه ثم من مجرى بول أمه.