للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اليهود وقلب الحقائق وكتمانها]

أحبتي الكرام: من دأب اليهود قلب الحقائق، كقصة الهيكل كما قلنا قبل، فالذي بنى المسجد الأقصى على الراجح هو داود عليه السلام، والذي جدد البناء ابنه سليمان، كما أن إبراهيم عليه السلام هو رفع قواعد المسجد الحرام، وليس هو أول بأن له إنما هو الذي رفع قواعده، كما قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [البقرة:١٢٧]، فالمسجد الحرام هو أول مسجد وضع في الأرض للناس، قال تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٦]، وسليمان عليه السلام أعاد بناء المسجد الأقصى، فلما أتم بناء المسجد الأقصى بنى قصر الملك الذي يسمى: الهيكل بجوار المسجد، وأخذ فيه مدة أطول من بناء المسجد كما يقول العلماء، واليهود يزعمون أن المسجد الأقصى مبني فوق الهيكل، يعني: أن الهيكل هدم وبني مكانه المسجد الأقصى، فهم يريدون أن يهدموا المسجد الأقصى لأجل أن يقيموا الهيكل بدلاً منه، إذاً قصة الهيكل وأنه مكان المسجد الأقصى كذب وافتراء، فيا من تريدون الهيكل احترموا صاحب الهيكل، ومن صاحب الهيكل؟ إنه سليمان، ولكن ماذا يقولون في سليمان؟ في توراتهم في سفر التكوين أو غيره يقولون: لقد كان ابن داود ساحراً دجالاً، يتهمونه بالسحر والدجل، ولذلك قال ربنا في هذا: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} [البقرة:١٠٢].

ويقولون أيضاً: إن سليمان كان محباً للنساء، ويعشق النساء حتى إن محبته للنساء أنسته أن يبلغ الرسالة، ولذلك يسمونه بسليمان الحكيم ولا يعترفون بنبوته، فإن كانوا يريدون إقامة الهيكل فلماذا لا يوقرون صاحب الهيكل، لكنهم قوم لا خلاق لهم، يقول ربنا تبارك وتعالى عنهم: {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ} [البقرة:١٠٠]، وكلمة (كُلَّمَا) تفيد الاستمرار والتجديد، ذهب نيتنياهو فجاء باراك، ذهب باراك فجاء شامير الإرهابي الذي قتل أبناءنا تقتيلاً، وبالأمس سحقت مدن كاملة في فلسطين، والأمة تكتفي بشعارات الشجب والاستنكار والمؤتمرات التي تصدر وصايا، ونتائج، ومقترحات.

يا عباد الله! إن هذه الدماء أمانة في أعناقنا سنسأل عنها بين يدي الله عز وجل.

أحبتي الكرام! في قصة نوح أردت أن أركز على معنى واحد، وهو أن سلاح نوح كان الدعاء، لم يكن مع نوح قنابل، ولا صواريخ، ولا أسلحة دمار شامل، ولا أسلحة كيماوية، ولا نووية، إنما كان مع نوح سلاح الدعاء، قال تعالى: {فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ} [القمر:١٠] فكانت الإجابة: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الأَرْضَ عُيُونًا} [القمر:١١ - ١٢].

ثم بعد أن أهلك الله من في الأرض: {وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي} [هود:٤٤]، وهذا الأمر من الله إلى الأرض والسماء: {وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ} [هود:٤٤]، (غِيضَ الْمَاءُ) يعني: جف الماء، وعندما تفتح أبواب السماء بالماء والأرض تتفجر عيوناً فكم هي المدة التي تحتاج إليها الأرض من أجل أن يجف الماء؟ إنها تحتاج لفترة طويلة، لكن الله قال: {وَغِيضَ الْمَاءُ} [هود:٤٤] يعني: جف، فالذي أمر الأرض أن تجف هو الله، والذي أمر السماء أن تفتح هو الله، فهو قادر على كل شيء.

ولعل هذا البلاء خير للأمة حتى تستيقظ من غفوتها وتعود إلى ربها وتتضرع في سجودها، فقد جاء في الأثر: أن العبد قد يدعو ربه والإجابة تتأخر، فتقول الملائكة: يا رب! عبدك فلان -وليس هذا اعتراضاً، وإنما الملائكة تعرف أن هذا العبد صالح- فيقول الله عز وجل: أجلوا مسألته فإني أحب أن أسمع صوته، فالله عز وجل قد يريد بنا البلاء حتى يعود الناس إلى الله عز وجل.