للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم دعاء القنوت في ليالي رمضان وبيان بعض آدابه]

السؤال

ما حكم دعاء القنوت في رمضان، وماذا يقال فيه، وما هي المخالفات الموجودة في الدعاء؟

الجواب

هذا سؤال مهم جداً، لأن بعض الأئمة يعتدي في دعائه، فيقول بعضهم: يا ضار، يا الله، والمأموم يؤمن، بينما الأصل أن قول آمين يكون بعد عبارات الدعاء، وأما عند عبارات الثناء فيسكت المأموم، ولذلك تجد بعضهم الآن في القنوت يعد أسماء الله الحسنى، فيقول: يا رحمن يا الله يا رحيم يا الله يا منتقم يا الله يا جبار يا الله! ما هذا يا عبد الله؟! ألا تتقي الله في نفسك، فقد خالفت السنة ولم تلتزم بها، فهناك أسماء لله عز وجل لا ينبغي أن تتلفظ بها إلا مقترنة، فتقول: الضار النافع، المانع المعطي، المعز المذل وهكذا، هذا أولاً.

ثانياً: أن القنوت في الوتر سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان يقنت قبل الركوع وبعده أحياناً، ويترك القنوت أحياناً، ولذا كان من السنة أن نقنت أحياناً وأن نترك أحياناً، وكان يقول في قنوته: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وقني واصرف عني شر ما قضيت، فإنك سبحانك تقضي بالحق ولا يقضى عليك، إنه لا يعز من عاديت، ولا يذل من واليت)، انتهى، إجمال في الطلب، (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب)، دعاء لا بد أن يكون بإجمال حتى لا نشق على الناس، وأنا أعرف بعض الناس الكبار قد وقع من طول الدعاء، والبعض الآخر يقول: يا شيخ! نحب الدعاء ونريد أن نبكي فأطل بنا في الدعاء! فهو لا يبكي في قراءة القرآن ويبكي في الدعاء! والعجب أيضاً أن تسمع بعض الأئمة يدعو فيقول: اللهم إنا نسألك الجنة اللهم ألبسنا من سندسها اللهم اسقنا من خمرها اللهم اسقنا من لبنها ويعدد نعم الجنة! فيا عبد الله! إذا دخلت الجنة فاطمئن فإنك ستأكل وتشرب، وإنما كان يكفي أن تقول: اللهم إني أسألك الجنة، وكذلك قول بعضهم: اللهم انصر المسلمين في فلسطين، وفي الشيشان، وفي أريتريا، وفي الفلبين، وفي كشمير! فيعمل خريطة من آسيا إلى جنوب أفريقيا، وكان يكفي أن يقول: اللهم انصر المسلمين في كل مكان، أجملت أم لم تجمل؟ لا شك أنك أجملت.

ودليل ذلك غلام أصحاب الأخدود، فقد كان فقيهاً حينما قال: اللهم اكفنيهم بما شئت وكيف شئت إنك على كل شيء قدير.

والبعض الآن يأتي بأدعية مسجلة في أشرطة لبعض المشاهير، والدعاء يحتاج إلى خشوع.

حتى البكاء في رمضان لا نلتزم فيه السنة، فنرفع أصواتنا بالبكاء في الصلاة، وهذا لا يجوز، لقول عبد الله بن الشخير: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ويبكي، فسمعت لصدره أزيزاً كأزيز المرجل) أي: الماء الذي يغلي، ولذلك كان إذا بكى عليه الصلاة والسلام لا يرفع صوته بالبكاء، وبعض الناس يرفع صوته كأنه ينوح، وهذا قد يكون أدعى للرياء، وأدعى للعجب، تقول بعض زوجات سلفنا الصالح: كنت أنام بجوار زوجي فيبكي من خشية الله فلا أشعر ببكائه، طلباً للإخلاص ودفعاً للعجب والرياء.

فإذا أردت أن تبكي فابك دون أن يشعر بك أحد، وقد كان بعض السلف يصلي طوال الليل ويبكي، فإذا خرج إلى الفجر أخذ منديلاً وهو يقول: ما أشد الزكام، أي: أن الزكام هو الذي أسال دموعه، فهو لا يريد أن يُخبر أحداً ببكائه، حتى لا يدخله العجب ولا الرياء، والله أعلم.