يهتم بعض الإخوة ببعض السنن، مثل: غطاء الرأس والكحل وإطالة الشعر اهتماماً مبالغاً فيه، حتى إن بعض الإخوة لا يخرج إلا بعد أن يكتحل؟
الجواب
إنَّ التركيز على الجزئيات الصغيرة وترك الأوليات الكبيرة نقطة خطيرة جداً؛ وذلك لأننا لا نفهم فقه الدعوة، ولا نعرف كيف ندعوا الناس، ولا نعرف الأولويات في الدعوة.
وقد اتصل بي أحد رؤساء تحرير صحيفة، وقال لي: كنت في شارع العزيز ويا ليتني ما ذهبت، فقلت له: لم؟ قال: سألني أحد إخوانك الذين يحضرون دروسك: أين الله؟ وهذا المسئول لا يعرف أين الله، وهو معذور بجهله.
فقال: في كل مكان -وهذه عقيدة الجهمية، وهي عقيدة باطلة- فإذا بالأخ العزيز يقول له: أنت كافر! يوزع شهادات من عنده، والختم في يده يختم بالكفر لمن يشاء! فاتصل بي الرجل وقال: هؤلاء جمهورك نسأل الله العافية! فلو أنه قال له: أنت تقصد أن الله في كل مكان بذاته، أم أنه يعلم كل شيء عن خلقه؟ يستفهم منه! ثم يقول له: الله في السماء، ويوضح له الأدلة، والرجل سيقبل، أما بسهولة وبساطة يقول له: أنت كافر! ويخرجه من الملة؛ فهذا يجعل الناس يأخذون انطباعاً عن كل الملتزمين بهذا الشكل.
يا إخواني! بعض الإخوة يهتم بالعطر والعطر خير وبركة، لكن الكحل الذي كان يكتحل به النبي صلى الله عليه وسلم لا لون له، وفعل المستحبات في مجتمع لا يقبلها لا تفعلها، يقول ابن تيمية: وترك المستحبات لأجل تأليف القلوب واجب، فبعض الإخوة يركزون على المستحبات ويتركون الواجبات، يستيقظ الساعة العاشرة صباحاً من النوم ولم يصل الفجر، وإن قابلك قال لك: أين السواك؟ أمور عجيبة وقلب للمقاييس، يا لها من عقد اجتماعية وتراكيب عجيبة! يا عبد الله! أقول: لا بد أن نهتم بفقه الأولويات.
مثال ذلك: رجل لا يصلي، هل تعظه بقيام الليل؟! أو رجل لا يعلم العقيدة، هل تكلمه في الكحل والسواك؟! امرأة هداها الله، ووارت جسدها بثوب فضفاض وبخمار وجاءت إلى المسجد، لا تُنفر، طالما أن هناك أصولاً نتفق عليها، نتعلم أولاً العقيدة، ثم العبادات المشروعة، ثم بعد ذلك نزداد شيئاً فشيئاً، هذا هو الفقه الغائب في حياة المسلمين.