تجادلت مع بعض الناس في قوله تعالى:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، وقوله:{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأَيْمَنِ}[القصص:٣٠]، وقوله:{إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي}[الصافات:٩٩] في قصة إبراهيم؟
الجواب
في الحقيقة هذا الموضوع المهم أنا أحزن تمام الحزن أن هناك جماعة تعمل في حقل الدعوة الإسلامية دعاتها الآن يقولون بالتأويل، ويقولون عن السلفيين: مجسدة، هذا الكلام نقل لي من أكثر من عضو من عندهم، فعقيدة السلف واضحة وضوح الشمس، وعقيدتنا في الأسماء والصفات هي عقيدة ابن حنبل ومالك وأبو حنيفة والشافعي وسفيان الثوري وكل علماء الأمة من السلف، فالعقيدة الصحيحة: أننا نؤمن بأسماء الله وصفاته، ونفوض الكيف إلى الله، فنقول: الاستواء بمعنى العلو، قال عز وجل:{الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}[طه:٥]، أي: علا، والاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وكذلك قوله تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح:١٠]، اليد معلومة، والكيف مجهول، فلله يد، لكنها ليست كيد البشر، قال عز وجل:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١].
وهم يؤولون يد الله بقدرة الله، واستوى بمعنى استولى، ويؤولون الصفات ويحرفونها، ويقولون عنا: مجسدة، فهل الإمام مالك مجسد؟! فالتزم عقيدة السلف يا عبد الله! والذي يناقشك في هذا لابد أن يعلم أن للسلف عقيدة.
وحينما نقول:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}[المائدة:٦٤]، لو قلنا: إن (اليد) بمعنى القدرة، تصبح (بل قدرتاه)، وهل يجوز أن نثبت لله قدرتين؟ ولذلك لما جاء جهم بن صفوان رأس الجهمية إلى قوله تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[النساء:١٦٤]، قرأها:(وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) فأراد أن ينفي صفة التكلم، فجعل موسى هو المتكلم، فلما جاء إلى قول الله:{وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[الأعراف:١٤٣]، ألقم حجراً؛ لأنه لا يدري ماذا يقول فيها؟ فالله يتكلم، وهل تريدون إلهاً لا يتكلم يا قوم؟! فالكلام كمال، والأبكم ناقص، ولله صفات الكمال، فهل المخلوق يتكلم والخالق لا يتكلم؟ نسأل الله العافية، فالكلام صفة ثابتة لله، لكننا نقول: الكلام معلوم، والكيف مجهول، هذه عقيدة السلف، أما عقيدة فرق الضلال: كالجهمية، والأشاعرة، والمعتزلة، والكرامية، وكل هذه الفرق فقد رد عليها ابن القيم في كتابه القيم الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة.