القسم الثاني من الهجرة: هجرة الأبدان، وهي أن تهجر أصحاب السوء، فقد لعن الله بني إسرائيل لأن الرجل منهم كان ينصح الآخر فيقول: اتق الله أنت لا تصلي، اتق الله أنت تأكل الربا، وفي الصباح يؤاكله ويجالسه ويسافر معه.
إنا لله وإنا إليه راجعون، فأنت مأمور أن تهجر أبدان أهل السوء إن أصروا على معصية، والهجر وسيلة للزجر، وإن رافقته وهو يعصي الله عز وجل فكأنك تقره على معصيته، لذلك قال إبراهيم لقومه:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[مريم:٤٨].
وقال الله تعالى حاكياً عن أصحاب الكهف:{وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ}[الكهف:١٦].
ولا يستقيم أن امرأة منتقبة تسير مع امرأة مبنطلة وليس معنى ذلك: عدم الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، لكن لا بد أن يكون هناك توافق وتجانس؛ ولذلك ربنا يقول:{الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف:٦٧].