الحاج يحرم إما قارناً أو متمتعاً أو مفرداً، وأفضل النسك هو التمتع، وهذا هو الرأي الراجح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الصحابة به وبين أنه لو لم يسق الهدي لتمتع، أي: أن الذي منعه من التمتع أنه ساق الهدي، فكونه يأمر بالتمتع هذا يدل على أنه أفضل النسك، فالحاج إذا مر على الميقات ولبى: لبيك حجاً، أو لبيك عمرة، أو: لبيك حجاً وعمرة، فمن تاريخ الميقات نحاسبه، فلو لبس ملابس الإحرام من بلده وفي الطائرة وضع طيباً قبل أن يمر على الميقات فليس عليه شيء؛ لأن العبرة بما بعد الميقات، أما ما قبل الميقات فلا نحاسبه؛ لأن العبرة عندنا بالميقات.
ويحظر على المحرم أشياء: يحظر على المحرم التطيب، فيترك الطيب ومن ثم الصابون ذا الرائحة العطرة لا يجوز له أن يستخدمه، ويحرم على المحرم أن يقص أظافره، ويحرم على المحرم أن يلبس المخيط، ويحرم على المحرم أن يغطي رأسه، ويحرم على المحرم الصيد، ويحرم على المحرم الجماع، ويحرم على المحرم مقدمات الجماع، فإذا أخذ المحرم معه الزوجة وبعد الميقات تجلس بجواره هو محرم وهي محرمة فلا يتحدثا في أي أمر من أمور الجماع، وهكذا مقدمات الجماع لا تجوز من قبلة أو مداعبة، كل ذلك لا يجوز للمحرم.
والناس تفهم المخيط خطأً، الناس تفهم أن المخيط أي شيء فيه خيط، وهذا وهم، فأي شيء فيه خيط ليس مخيطاً، فالإزار فيه خيط والحزام الذي يلبسه الحاج فيه خيط، وليس هو المقصود، وإنما المخيط هو ما يأخذ شكل الجسد، ولو لبس الحاج خفاً تحت الكعبين يجوز، طالما أنه تحت الكعبين.
كما أنه إذا ارتكب الحاج محظوراً من محظورات الإحرام جاهلاً أو ناسياً فلا شيء عليه، فإذا قص أظافره وهو ناس فلا شيء عليه، أو تطيب وهو محرم ناسياً فلا شيء عليه، وإن ارتكب محظوراً وهو ذاكر فعليه فدية، وهي شاة تجزئ أضحية، يعني: شروطها كشروط الأضحية، وشروط الأضحية هي: أن يكون سن الضأن ستة أشهر، وسن الماعز سنة، وسن البقر سنتين، والإبل خمس سنين، ولا تجزئ العوراء ولا العرجاء ولا العضباء ولا الهتماء، هذه الأنواع لا تجزئ، فكما يشترط في الأضحية شروطاً فالفدية يشترط لها شروط أيضاً كشروط الأضحية، بمعنى: أن العوراء لا تجزئ والعرجاء لا تجزئ والهتماء لا تجزئ والتولاء التي تمشي وهي تترنح يميناً ويساراً لا تعرف كيف تسير، وهكذا التي كسر أحد قرونها لا تجزئ، فإن فعل محظوراً من محظورات الإحرام متعمداً -إلا الجماع- فنقول له: إما أن تذبح شاة توزع داخل الحرم، وإما إطعام ستة مساكين، وإما صيام ثلاثة أيام، ولا يشترط أن يكون في الحج، إنما يصومه متى استطاع، فهو مخير؛ لقوله تعالى:{فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ}[البقرة:١٩٦] هذا لمن فعل محظوراً من محظورات الإحرام، إلا الجماع، والله تعالى أعلم.