الفائدة الثانية: التحذير من الذنوب والمعاصي، ففي إحدى خطبه عليه الصلاة والسلام حذر من الذنوب والمعاصي، لأن الذنوب والمعاصي هي سبب كل وباء نعيش فيه على المستوى الخاص أو المستوى العام، فعدم بركة الوقت سببه المعاصي، وعدم بركة الرزق وتسلط اليهود علينا، وضيق الصدور، وتقطيع الأرحام، ونشوز الزوجات، وكل ما نحن فيه من هم وغم ونكد سببه المعاصي، وقد سخروا منا يوم أن وقع الزلزال وخرجت بعض الأقلام الإسلامية تكتب وتقول: إن سبب ذلك هو المعاصي، واستهزءوا وسخروا، وقالوا: إنما هي كوارث طبيعية وظروف مناخية، ونسي القوم قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال:(لا ينزل بلاء إلا بمعصية)، وتقول أيضاً أمنا عائشة: إذا شربت الخمور وعزفت المعازف وفشا الزنا -المعصية عمت- غار الله في سمائه، فأمر الأرض أن تتزلزل بهم.
إذاً فالزلزلة استعتاب من الله للخلق، وإنذار لهم من بطشه عز وجل.
فهذا رجل من السلف كان يسير في الطريق فقابله رجلاً سيء الخلق فسبه ولعنه وتطاول عليه، فقال له: انتظر، ثم دخل إلى مسجد بجواره فتوضأ وصلى ركعتين ثم خرج يقول له: ما سلطك الله علي إلا بذنب ارتكبته، نعم فالله تبارك وتعالى لا يسلط هذا السفيه على الصالح إلا بسبب ذنب، فعاد الرجل يصلي ويستغفر، وكان السلف يقولون: كنا نعرف المعصية في خلق الزوجة والدابة، بمعنى: أن الزوجة لا تطيع، فإن وجدت ذلك فراجع نفسك إن كنت تقياً، ولا ترتكب المعاصي والذنوب، وكذلك الدابة، وتأمل يا مسلم ماذا فعلت المعاصي بالأقوام السابقة، ما الذي أغرق فرعون؛ إنها المعصية، ما الذي خسف بـ قارون الأرض؛ إنها المعصية، ما الذي أرسل على ثمود الريح؛ إنها المعصية {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ * وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة:٥ - ٧]، والخلاصة: أن سبب البلاء الذي نعيش فيه المعاصي التي نقترفها ونجاهر بها ليل نهار.