وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا ند له:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، ما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.
أما بعد: فما زلنا مع القصص القرآني بأنواعه الثلاثة، واليوم لقاؤنا مع قصة وردت في سورة البقرة، وهي الثانية في الترتيب بعد قصة آدم، ألا وهي: قصة بقرة بني إسرائيل، وبنو إسرائيل قد جلاهم لنا القرآن الكريم، وبين لنا صفاتهم التي لا ينبغي لنا أن نغفل عنها طرفة عين، فهم يلحدون في العقائد، يعني: نستطيع أن نقول: مقومات الشخصية اليهودية في كتاب رب البرية، الكتاب الذي:{لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ}[فصلت:٤٢].
إذاً كيف نتعرف على أعدائنا؟ من كتاب ربنا عز وجل:{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ}[النساء:٤٥]، فمن هم بنو إسرائيل؟ لقد كشف الله عز وجل سرهم وجهرهم في كتابه، فهم يلحدون في العقائد، وهي أول صفة من صفاتهم، والإلحاد يعني: الانحراف، ففي عقيدتهم إلحاد بربهم، قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا}[المائدة:٦٤]، وقال الله على لسانهم:{إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ}[آل عمران:١٨١]، وقالوا: إن الله خلق السماوات والأرض ثم مسه التعب واللغوب، فأراد أن يستريح فاستراح في يوم السبت:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:٥].
وكذلك إلحادهم في أنبيائهم، وفي الملائكة، وفي الجنة، وفي النار، وأيضاً علاقتهم بالمؤمنين ينبغي أن لا نغفل عنها.
أيضاً من صفاتهم: الكبر والعناد وقسوة القلب، ثم القتل وإلصاق التهمة بالآخرين، وفي قصة البقرة هذا المعنى، والمادية؛ لأنه كان يمكن أن يبعث الله القتيل بدون بقرة، فلماذا جاءت قصة البقرة؟ لأن بني إسرائيل لا يؤمنون إلا بالمادي، ولذلك قالوا: يا موسى {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً}[النساء:١٥٣]، {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ}[الذاريات:٤٤].