[تصوير القرآن العظيم ليوم القيامة وما يتقدمه من أحداث]
أيها الإخوة الكرام الأحباب! إن الحديث عن القيامة في القرآن الكريم جاء متعدداً: {إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا} [المعارج:٦ - ٧]، ثم جاءت العلامات: {يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ} [المعارج:٨].
أولاً: عبر عن القيامة في القرآن باليوم العظيم، وباليوم العسير، يقول ربنا سبحانه: {فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ} [المدثر:٨ - ١٠].
وعبر عنه في قوله: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين:٤ - ٦].
فالقرآن الكريم صور لنا مشاهد القيامة كأننا نراها رأي العين، يشيب فيها الولدان، فالولد الصغير الرضيع يقول الله في حقه: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا} [المزمل:١٧]، من شدة الهول والفزع، تصل فيه القلوب إلى الحناجر فلا تعود إلى مستقرها ولا تخرج من الأفواه، يقول ربنا سبحانه: {إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ} [غافر:١٨].
ويقول سبحانه في وصفه أيضاً: {يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢].
عندما أصبنا بزلزال في التسعينات كان كل الناس يجري، ربما يترك ولده وينزل، وربما يترك زوجته وينفض، ومن لطائف هذا الأمور أن زوجة رفعت قضية طلاق على زوجها بعد الزلازل، فسألوها عن سبب ذلك.
قالت: لأنه أخذ التلفاز وتركني، أي: أن كل الذي شغله هو التلفاز، وترك الولد والزوجة.
إخوتي الكرام! زلزال القيامة يختلف: {إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ} [الحج:١]، ترى الناس فيه سكارى، وزلزال التسعينات كان الناس فيه حيارى، وفرق بين السكارى والحيارى.
كذلك تذهل فيه المرضعة عما أرضعت، في زلزال التسعينات تأخذ ولدها وتفر به وتنزل من الطابق التاسع، أما زلزال الآخرة فتترك الرضيع من هول ما رأت، تذهل عما أرضعت.
{وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا} [الحج:٢]، قبل الموعد المحدد لنزوله من شدة الخوف والفزع، {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج:٢].