[العلم مناط التكليف]
أحبتي الكرام! آخر درس -وهو هام جداً-: أنه كان في مسجد قبا جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون وما وصلهم خبر تحويل القبلة إلا في صلاة الفجر، يعني: أنهم صلوا العشاء والمغرب إلى القبلة القديمة: المسجد الأقصى، والقبلة قد تحولت إلى المسجد الحرام، لكن صلاتهم صحيحة؛ لأنهم يعذرون بعدم علمهم، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا المغرب والعشاء، يقول ابن كثير: فالعلم مناط التكليف، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء:١٥]، ولذلك ما أمرهم بالإعادة.
ولذلك لما قرأ عدي بن حاتم قوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة:١٨٧] فهم الآية فهماً خاطئاً، فأتى بخيط أبيض وأتى بخيط أسود ووضعهما تحت الوسادة، وجعل ينظر إلى الخيطيين فلا يميز فيأكل ويشرب، فظل يأكل ويشرب حتى تبين له الخيطان، فلما وصل ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنك رجل عريض القفا، وإنما هو بياض الفجر وسواد الليل) ولم يأمره بإعادة الصيام؛ لأن الله قال: {رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة:٢٨٦]، فالخطأ مرفوع عن أمة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
أحبتي الكرام! مخرج الأمة في العلم، ولا مخرج لنا إلا بالعلم، فتعلموا العلم الشرعي، عضوا عليه بالنواجذ؛ لأن المشكلة مشكلة عدم فهم للنصوص، فيوم أن نكون على علم لن تحدث الفرقة أبداً، ولن يحدث الاختلاف إلا بغياب نص أو بسوء فهم.
أحبتي الكرام! وشهر شعبان من الأشهر المباركة التي كان يكثر من صيامها النبي صلى الله عليه وسلم، شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله، ونحن على مقربة من شهر القرآن، شهر الصيام، شهر النصر، شهر الفتوحات.
فاللهم إنا ندعوك ونحن في شهر شعبان أن تمكن لدينك في الأرض، اللهم مكن لدينك في الأرض، اللهم مكن لدينك في الأرض.
اللهم انصر عبادك المستضعفين في فلسطين، وانصر عبادك المستضعفين في أفغانستان، وانصر عبادك المستضعفين في كشمير، وانصر عبادك المستضعفين في البوسنة، وانصر عبادك المستضعفين في كل مكان، فأنت ربنا وأنت حسبنا، اللهم سدد رميهم، واجعل الدائرة على أعدائهم، اللهم أيدهم بجنودك فإنك على ما تشاء قدير.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
اللهم من أرادنا والإسلام بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام بشر فاجعل كيده في نحره، وأهلكه كما أهلكت عاداً وثمود وفرعون.
اللهم ارحم أطفال أفغانستان، وارحم نساء أفغانستان، وارحم شيوخ أفغانستان، برحمتك الواسعة يا أرحم الراحمين، إنك على ما تشاء قدير، اللهم سلط على عدوهم الأمراض الخبيثة، اللهم أهلكهم بدداً، وأحصهم عدداً ولا تبق منهم أحداً، اللهم جمد الدم في عروقهم إنك على ما تشاء قدير وأنت حسبنا ونعم الوكيل.
اللهم إنا نعوذ بك من السلب بعد العطاء، ونعوذ بك من الذل بعد العز.
اللهم مكن لدينك في الأرض.
اللهم حرر الأقصى من الغاصبين، وحرر الأقصى من الظالمين، واكتب لنا فيه صلاة يا رب العالمين، فإنك على ما تشاء قدير.
اللهم وفق الأمة لما تحبه وترضاه.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم ارحمنا إذا وارانا التراب، ارحمنا إذا فارقنا الأهل والأحباب، ارحمنا ونحن في القبور فراداً، وبيض وجوهنا عند سواد وجوه، وثبت أقدامنا على الصراط وأمنِّا عند الفزع الأكبر.
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
اللهم اجعلنا من أهل القرآن، وارزقنا حب القرآن، وارزقنا فهم القرآن، وارزقنا نور القرآن، وارزقنا بركة القرآن، واستر عوراتنا بالقرآن، وبارك في أرزاقنا بالقرآن، واحفظ أعراضنا بالقرآن، اللهم اجعلنا من أهل القرآن الذين هم أهلك وخاصتك يا رب العالمين، اللهم علمنا من القرآن ما جهلنا، ذكرنا منه ما نسينا.
وارزقنا علماً نافعاً، وقلباً خاشعاً، ولساناً ذاكراً، وجسداً على البلاء صابراً.
ربنا لا تجعلنا فتنة للذين ظلموا ربنا إنك رءوف رحيم.
اللهم أهلك الظالمين بالظالمين، وأخرجنا من بينهم سالمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.