ثانياً: من صفات هذه الشخصية أيضاً: أنها تحرف الكلم عن مواضعه، يقول ربنا في حقهم:{يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ}[النساء:٤٦]، فقد قال الله لهم:{وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا}[البقرة:٥٨]، على هيئة معينة {وَقُولُوا حِطَّةٌ}[البقرة:٥٨]، فحرفوا في الفعل والقول، دخلوا على مقاعدهم ولم يدخلوا سجداً وقالوا: حنطة! لذلك هم أساتذة التحريف في الدنيا، يقول الله سبحانه:{فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ}[البقرة:٧٩].
أورد العلامة ابن حزم في كتابه القيم (الأدلة العقلية في تحريف التوراة)، منها: أن التوراة بها أماكن لم تسم بهذه الأسماء أيام نزول التوراة، مثال هذا: أن هذا الحي يسمى (الزيتون).
قبل خمسمائة سنة ماذا كان اسمه؟ كانت أرضاً صحراء ليس فيها منازل ولا زيتون، فإن جاء رجل وقال: مررت بالزيتون منذ ألف سنة.
كاذب أم صادق؟ سنقول: كذاب (١٠٠%)، فحين تحدثنا التوراة عن أسماء أماكن موجودة الآن، وسميت بهذه الأسماء بعد نزول التوراة بآلاف السنين، هل هذا كلام صدق أم كذب؟
الجواب
كذب.
إذاً: ابن حزم يستدل بالأدلة العقلية في تحريف التوراة فضلاً عن الأدلة النقلية، والأنبياء معصومون اصطفاهم الله وجعلهم للناس أسوة:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}[الأنعام:٩٠]، فهل أقتدي برجل منحرف في سلوكه؟ اقرأ عن أنبياء الله في التوراة، بل العجب في سفر التكوين والأسفار الخمسة التي عندهم أن نبياً شرب الخمر فأخذت عقله وزنى ببنتيه زنا محارم، يعني: نبي يزني ولا يزني بامرأة أجنبية، وإنما يزني ببنتيه بالصغرى ثم بالكبرى:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:٥].