للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر بعض المخالفات التي تقع عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم]

السؤال

هناك بعض المخالفات تقع عند زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم فالرجاء التكرم بذكر هذه المخالفات؟

الجواب

هذه المخالفات متعددة، منها: أولاً: التبرك والتمسح بالأعتاب والحجارة والحديد، وهذا هناك نهي عنه.

ثانياً: التوجه بالدعاء إلى القبر، والدعاء ينبغي أن يكون إلى القبلة؛ لأن من آداب الدعاء أن تستقبل القبلة، وليس من آداب الدعاء أن تدعو عند قبر، حتى ولو كان قبر سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: (اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد)، فمن السنة عند الزيارة: أن تزور قبر النبي عليه الصلاة والسلام، ولابد أن تتأدب بآداب الزيارة، قال عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} [الحجرات:٢]، وهذه الآية مهمة جداً؛ لأنني أجد البعض على المنبر يقول: (محمد) هكذا، فنقول له: اتق الله في نفسك! وتعلم الأدب مع رسول الله عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز أن يطلق اسمه مجرداً دون أن تقول: رسول الله، أو صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله تبارك وتعالى أمرنا ألا ننادي الرسول كما ينادي بعضنا بعضاً.

ثالثاً: أن تتأدب عند قبره لأن حرمة النبي ميتاً كحرمته حياً، فرفع الصوت عند قبره لا يجوز؛ لذلك عمر رضي الله عنه رأى رجلين يرفعان أصواتهما عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما: من أي البلاد أنتما؟ قالا: من الطائف.

قال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً -فعذرهما للجهل؛ لأنهما لا يعرفان الحكم- أترفعان أصواتكما عند قبر رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ ولما نزلت هذه الآيات كان الصحابة لا يرفعون أصواتهم عند الرسول عليه الصلاة والسلام حتى يقول لهم: ارفعوا.

أما ثابت ذلك الصحابي الجليل الذي كان يتميز بصوت حاد مرتفع طبيعي فقد حبس نفسه في حجرة وقال: أنا الذي أحبط الله عملي، أنا من أهل النار، أنا الذي أرفع صوتي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما سأل عنه النبي عليه الصلاة والسلام قالوا: يا رسول الله فعل كذا وكذا بنفسه.

فقال: (قولوا له: إنه من أهل الجنة)، وما خرج إلا لما جاءته البشرى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} [الحجرات:٣].

فعند قبر النبي عليه الصلاة والسلام ينبغي أن تتأدب بهذه الآداب: أولاً: ألا تتبرك بأعتاب ولا بأحجار ولا بستائر.

ثانياً: أن تسلم عليه في خشوع وبأدب وبصوت منخفض، فتقول: السلام عليك يا رسول الله! ورحمة الله وبركاته، جزاك الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، أشهد أنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وتصلي عليه صلى الله عليه وسلم، فإذا أردت أن تدعو تستدير بظهرك فتجعل الظهر إلى القبر والوجه إلى القبلة؛ لأن الدعاء من آدابه أن تستقبل القبلة لا أن تستقبل القبر.

ثم تسلم على أبي بكر ثم على عمر رضي الله عنهما وعن أصحاب رسول الله، والله تعالى أعلم.