[أمر الله لإبراهيم وإسماعيل بأن يرفعا قواعد البيت الحرام]
ثم عاد مرة ثالثة وقد شب إسماعيل وكبر، فجاءه متأخراً وقال له: يا بني إن الله أمرني أن أرفع قواعد بيته، فقال الابن: يا أبت افعل ما تؤمر، قال: وأمرك أن تعاونني، قال: سمعاً وطاعة، فأخذ إبراهيم يرفع القواعد وإسماعيل يعاونه حتى انتهى إبراهيم إلى طوله فجاء بحجر فوقف عليه، وذلك هو المقام، فقام إبراهيم حتى رفع الكعبة إلى تسعة أذرع وعاد بها إلى بناء آدم وهو يقول هو وولده: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ} [البقرة:١٢٧ - ١٢٨]، {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:١٩]، أي: لا دين مقبول عند الله إلا الإسلام، {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران:٨٥]، دين الأنبياء هو الإسلام، قالها إبراهيم وهو يرفع القواعد، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة:١٢٨ - ١٢٩].
قال عليه الصلاة والسلام: (أنا دعوة أبي إبراهيم، ونبوءة أخي عيسى، ورأت أمي حين ولدتني نوراً أضاء لها قصور الشام)، والحديث في سنن أبي داود وهو صحيح، وعلى كل بنى إبراهيم الكعبة أو أعاد بناءها، ورفع القواعد -وكان مقامه بجوار الكعبة إلى أن جاء زمن عمر فأبعد المقام من الكعبة حتى يتسع المطاف- وعند ذلك ارتقى إبراهيم فنادى: إن الله قد فرض عليكم الحج، فسمعه من شاء الله أن يسمعه، وقال من قدر الله له: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إجابة تلو إجابة، وستستمر الإجابة رغم أنف الحاقدين إلى أن يشاء الله رب العالمين سبحانه: يا راحلين إلى منى بقيادي هيجتموا يوم الرحيل فؤادي طبتم وطاب دليلكم يا حيرتي الشوق أقلقني وصوت الحادي ويطيب لي ما بين زمزم والصفا عند المقام سمعت صوت منادي من نال من عرفات نظرة ساعة نال السرور ونال كل مرادي اللهم اكتب لنا حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، اللهم ارزقنا حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً، وعملاً صالحاً متقبلاً.
اللهم استرنا فوق الأرض، واسترنا تحت الأرض، ولا تفضحنا يا رب يوم العرض.
اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك.
اللهم اجعل ثأرنا على من ظلمنا.
اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا إلى النار مصيرنا، واجعل الجنة هي دارنا وقرارنا.
اللهم إنا نسألك لذة النظر إلى وجهك.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، انصر دينك في مشارق الأرض ومغاربها يا رب العالمين، اللهم اربط على قلوب الموحدين.
اللهم عليك باليهود ومن والاهم، اللهم من أرادنا والإسلام بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام بشر فاجعل كيده في نحره، وأهلكه كما أهلكت عاداً وثمود وفرعون.
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا.
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، اللهم أغننا بحلالك عن حرامك، واكفنا بفضلك عمن سواك، فرج كرب المكروبين، ارفع الظلم عن المظلومين، استجب لدعاء الموحدين فإنك على كل شيء قدير، وأنت حسبنا ونعم الوكيل، وأنت بكل جميل كفيل.
آمين آمين آمين.
وآخر دعوانا: أن الحمد لله رب العالمين.