للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تعريف الأضحية وشروطها]

السؤال

ما هي الشروط الواجب توافرها في الأضحية؟ وما حكمها؟ وما هو المشروع فيها؟

الجواب

هناك حديث صحيح رواه الإمام مسلم في صحيحه نريد أن نعلمه الناس لأهميته، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: (إذا أهل ذو الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً حتى يضحي) والمعنى: إن عزمت على الأضحية فبمجرد أن يهل هلال ذو الحجة يحرم عليك أن تأخذ من شعرك ومن أظفارك شيئاً حتى تذبح، وهذه نقطة مهمة جداً، والنووي يقول بتحريم أخذ الشعر والأظافر.

وقد يقول قائل: ولماذا نترك الشعر والأظافر هذه المدة؟ والجواب: تشبهاً بالمحرم، وإذا ذبحت فبعد ذلك لك أن تأخذه.

والأضحية هي: اسم لما يذبح من بهيمة الأنعام من الغنم والبقر والإبل في يوم النحر أو أيام التشريق؛ تقرباً إلى الله عز وجل.

فلابد أن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وبهيمة الأنعام إما إبل وإما غنم وإما بقر.

والأضحية فيها خلاف بين العلماء هل هي واجبة أم سنة مؤكدة؟ فبعضهم يقول: هي واجبة.

وبعضهم يقول: هي سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ونبينا عليه الصلاة والسلام ضحى بكبشين أملحين أقرنين، ذبح الأول وقال: (اللهم إن هذا عن محمد وعن آل محمد) ثم ذبح الثاني وقال: (اللهم إن هذا عن فقراء المسلمين من أمتي) فذبح عليه الصلاة والسلام عن غير المستطيع.

والذبح لابد أن يكون بعد الصلاة، فمن ذبح قبل صلاة العيد فهو لحم يقربه لأهله، وليست أضحية، ولكنك تجد أن بعض الناس في المدن كالقاهرة والمحافظات الكبرى يذبحون بالليل؛ لأن الجزار عنده مواعيد حجز، فيذبحون بالليل قبل صلاة العيد، وهذه لا تجزئ أضحية، ولا تسمى أضحية، وأيضاً لا يجزئ أن تشتري لحماً من الجزار بدلاً من الأضحية، ولا يجزئ أن توزع نقوداً بدلاً من الأضحية، بل لابد من إراقة الدم في يوم العيد، ويمتد موعد ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد أربعة أيام، فوسع على نفسك يا عبد الله! والنبي عليه الصلاة والسلام بين لنا ما يجزئ من الأضاحي فقال صلى الله عليه وسلم: (لا يجزئ من الأضاحي العوراء البين عورها والعرجاء البين عرجها) وهكذا الهتماء والتولاء والجرباء والعضباء وكل هذه أنواع قد بيناها، ولا يجزئ من الضأن إلا ما بلغت ستة أشهر، ومن الماعز سنة، ومن البقر سنتين، ومن الإبل خمس سنوات، فهذه الأعمار هي التي تجزئ في الأضاحي.

ومن السنة أن تأكل منها، وأن تتصدق، وأن تهدي إلى الأرحام، ولذلك قال ربنا: {فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج:٢٨] وكان صلى الله عليه وسلم يأكل منها الكبد بعد الصلاة، وأقول: ليس شرطاً أن تأكل الثلث وتتصدق بالثلث وتهدي الثلث، فهذا قول الإمام الشافعي، وهو معتبر بلا شك، لكن لو أردت أن تتصدق بثلثيها فليس عليك بأس، ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن خرج ثم عاد سأل عن الكبشين وقال: (يا عائشة ماذا فعلت بهما؟ قالت: يا رسول الله ذهبت كلها ولم يبق إلا كتفها.

فقال: لا تقولي ذلك، بل قولي: بقيت كلها ولم يذهب إلا كتفها) قال عز وجل: {مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل:٩٦] فلا تستكثر على الفقير أن يأكل اللحم في يوم العيد، فأنت تأكل اللحم كل يوم، ولا تكن إذا ذبحت في يوم عيد الأضحية تأخذ أحسنها وتتصدق بأرداها، بل لابد أن تتصدق لله بأحب ما تملك، ولذلك أقول: ينبغي عليك بعد ذبح الأضحية أن توزع قدر الإمكان للفقراء والمساكين، وأن تسأل الله عز وجل أن يتقبل منك هذا.

فمن أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا أظفاره شيئاً حتى يضحي، وهذا الحكم للمضحي لا لمن يضحى عنه، كالزوجة والأبناء، فالأبناء يحلقون رءوسهم ويأخذون من أظافرهم؛ لأن المخاطب هو المضحي.

ويجزئ أن يشترك السبعة في بدنة أو في بقرة، وأنت تضحي عن نفسك وعمن تلتزم بإعالتهم، فإن كان ولدك متزوجاً ويسكن في بيت مستقل وله أولاد فلابد أن يضحي عن نفسه وعن أولاده، إنما يلزمك الأضحية عن نفسك وعمن هم في إعالتك، هذا حكم مهم جداً.

فالأضحية: اسم لما يذبح من بهيمة الأنعام، وأقول: من بهيمة الأنعام؛ لأن ابن حزم يقول: يجزئ أن تذبح ديكاً.

والله تعالى أعلم.