للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قضاء الله في إخراج آدم من الجنة وذكر ما ترتب على خطيئته]

الحمد لله رب العالمين، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ} [السجدة:٧ - ٩] {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [فاطر:٣].

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء، ويذل من يشاء، بيده الخير وهو على كل شيء قدير.

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، فما ترك من خير يقربنا من الجنة إلا وأمرنا به، وما من شر يقربنا من النار إلا ونهانا عنه، فترك الأمة على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه في الأولين والآخرين، والملأ الأعلى إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها الإخوة الكرام الأحباب! حديثنا يحمل عنوان: آدم في الجنة.

يعتقد البعض أن الله صلب ولده ليكفر عن خطيئته، وهذا اعتقاد باطل ينافي عقيدة المؤمن؛ لأن الله عز وجل في سورة النساء فضح اليهود وبيّن قولهم في مريم، وكفرهم بالمسيح عليه السلام، قالوا في مريم: أنها حملت من الزنى وهي المبرأة التقية الورعة، ونسبوا إلى أنفسهم أنهم صلبوا ولدها عيسى، وصور هذا لبعض المسلمين اليوم، واأسفاه! أقلام مسلمة تصدق هذا، وتدندن حول هذا المعنى، وتقول: هم قتلة الأنبياء، نعم لا بأس بهذا، لكن في قضية قتل المسيح وصلبه قال الله عز وجل: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النساء:١٥٧]، استهزاءً، يقول الله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء:١٥٧]، ثم عادت الآيات تؤكد هذا المعنى، يقول الله سبحانه: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء:١٥٧ - ١٥٨]، هذا الكلام مهم جداً في هذا الزمن؛ لأن البعض شاهد فيلماً بعنوان: آلام المسيح؛ لأن اليهود صلبوه وفعلوا به كذا وكذا، يا عبد الله! مع إيماننا الجازم أنهم قتلة الأنبياء، وأنهم قتلوا يحيى عليه السلام، وحاولوا قتل زكريا عليه السلام، ووضعوا السم لسيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، وحاولوا قتل المسيح عليه السلام وصلبه، لكن الله عز وجل برأه منهم ونجاه من أيديهم.