والمطهر الخامس: سكرات الموت، وهي كرب الموت وشدته، وأهوال الموت لم ينج منها أحد ولو نجا منها أحد لكان أحق بالنجاة منها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري أنه لما جاءه الموت ودخل في سكراته أمر عائشة أن تأتيه بإناء، فوضعوا الإناء بجواره، فكان يأخذ من الماء البارد ويصب على رأسه الطاهرة ويقول:(لا إله إلا الله إن للموت لسكرات، اللهم هون علي سكرات الموت).
(ودخل ابن مسعود عليه وهو يوعك وعكاً شديداً فقال: يا رسول الله! إنك لتوعك وعكاً شديداً، فقال: إني أوعك كما يوعك رجلان منكم، فقال ابن مسعود: ذلك لأن لك أجرين؟ قال: أجل).
فكلما اشتدت السكرات زاد الأجر.
وكما قال ابن تيمية شيخ الإسلام: حال الروح مع الجسد كحال الماء مع الإسفنجة، فالإسفنجة حينما تمتص الماء يكون الماء في كل أطرافها، وكذلك الروح تسكن في كل أنحاء الجسد، فعندما يأتي ملك الموت يجمعها من القدمين ومن الساقين إلى الفخذين ثم إلى البطن ثم إلى الصدر حتى تصل الحلقوم ثم إلى التراقي، ثم عند ذلك ينزعها ملك الموت لتفارق الجسد؛ لأن الموت عند العلماء هو مفارقة الروح للجسد، فإذا أراد ملك الموت أن ينزعها شعر العبد عند ذلك بشدة وبكرب شديد، ولذلك يقول ربنا:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ}[ق:١٩ - ٢٠].