الحقيقة لا نريد أن نسترسل في الأسئلة بقدر ما نريد أن نوضح بعض الأمور الهامة في الحج والعمرة، فنبين بعض الأخطاء المنتشرة حتى نبلغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(بلغوا عني ولو آية)، فضلاً عن المخالفات الكثيرة جداً التي تقع في الناس أو من الناس بجهل أو بغير علم، ولذلك أقول: لابد قبل أن يذهب الإخوة إلى الحج نبين لهم المناسك، وكيف حج النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأقول: أنواع نسك الحج ثلاثة: تمتع، وإفراد، وقران، أي: لك أن تحج متمتعاً أو مفرداً أو قارناً، وأفضل النسك هو التمتع، لقوله صلى الله عليه وسلم:(لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي)، ونبين كيفية حج التمتع: أولاً: قبل أن يرحل الحاج ينبغي عليه أن يكتب وصية، ويبين فيها الديون التي عليه، فلربما لن يعود من حجه، ولذلك لا ينبغي عليك أبداً أن تهدر الحقوق، ولذا اكتب وصية بما عليك من مال وبما لك قبل أن تذهب، وعليك أن تستأذن من الدائن وتقول له: عن إذنك أنا ذاهب لأحج، فمثلاً: أنت لك ألف جنيه عندي، وقد أوصيت بها، فإن مت فالورثة سيعطوك من مالي الذي تركت.
ثانياً: عليك أن تترك لأهل بيتك مالاً يساعدهم على الإنفاق في عدم وجودك، فتعطيهم نفقة ثلاثة أسابيع أو أربعة حتى تعود، ولا تذهب من غير ما تترك لأولادك ولزوجتك شيئاً، حتى لا تدق الزوجة على الجيران ليعطوها، والجيران يقولون: كيف ذهب يحج وترككم بدون أكل؟ بدل أن يحج يطعمكم أولاً، ستجد هذا الكلام، لذا لا بد قبل أن تذهب إلى الحج أن تترك مبلغاً من المال لأهل بيتك.
ثالثاً: عليك أن تتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً، لا أن تضع العلم الأبيض على السيارة وتكتب على العمارة والبيت: حج مبرور وذنب مغفور، ويدق الطبل عند ذهابك وعند مجيئك، ويقال: الحاج ذهب والحاج جاء، وبعد أن تأتي لا جماعة ولا قرآن، وأكل ربا وقسوة قلب، فأنت على هذا ما حججت لكن حجت العير، فسيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى الحجاج كثر فقال: الركب كثير والحج قليل.
فالذي يحج بنية صادقة ويطلب الأجر من الله عز وجل يختلف عن الذي يطلب اللقب، فلابد أن تتوب إلى الله توبة نصوحاً قبل أن تذهب لأداء المناسك.
رابعاً: الحج رحلة جهاد في سبيل الله، فلازم أن تتحمل فيها، فالنبي صلى الله عليه وسلم سافر من المدينة إلى مكة لمدة ثمان ليال حتى وصل إلى مكة، وأما نحن فبضع ساعات أو أقل ونحن في مكة، وتجد أحدنا ضجراً، بينما تجد أصحاب الكرة يعملون قبل المباراة شهرين معسكراً، ومن معسكر إلى معسكر، ويبقون ثلاثة أو أربعة شهور؛ لأجل الحصول على كأس، فأنت أيها الحاج ذاهب لتؤدي مناسك الحج فلا تضجر أو تمل، ولا تكن كمن يضيع واجباً ويهدر سنة، بل ويهدر ركناً.
فهناك مخالفات جسيمة يقع فيها الحجاج، وحجة الإسلام ينبغي أن تكون صحيحة.