وضع النبي صلى الله وعليه وسلم في يوم عرفة تحت قدمه أشياء، فماذا وضع؟ وضع شرك الجاهلية، وضع ربا الجاهلية، وضع تبرج الجاهلية، وضع دماء الجاهلية.
إن التوحيد أول حق لله على العبيد، وكلمة التوحيد هي: لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله، وبعد قليل إن شاء الله سننطلق لنذبح لله، وهذا توحيد عملي بعد التوحيد القولي، فبعد أن رددنا لا إله إلا الله سنعود لنذبح، فمن الناس من يذبح لضريح، ومن الناس من يذبح لولي، ومن الناس من يذبح للجن، ومن الناس من يذبح تبركاً بدماء الذبيحة على باب داره، أو على متجره، أو على سيارته، يذبح لغير الله سبحانه، أما نحن المسلمون الموحدون فنحن نذبح لربنا عز وجل؛ لأن شعارنا:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢ - ١٦٣]، ولا يمكن أن نسوي بين من قال لا إله إلا الله، وبين من قال: اتخذ الرحمن ولداً: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:٥]، {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}[الصافات:١٥٣ - ١٥٤].
أفمن وحد الله سبحانه وجعله ليس له مثيل ولا نظير ولا شبيه، كمن ادعى أن له زوجة وولداً؟! إن الزوجة والولد يشيران إلى النقص والاحتياج، ورب العالمين سبحانه هو الغني:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١].
أي أمة كنا قبل الإسلام يا عباد الله؟ لقد وضع النبي صلى الله عليه وسلم الشرك تحت قدمه وقد خاب أقوام أرادوا للناس أن يشركوا بالله سبحانه؛ لأن الله قال:{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ}[الزمر:٦٥].
فكلمة التوحيد قبل توحيد الكلمة.
هناك من يدعو إلى التقارب بين أهل السنة وغيرهم، ولا تقارب بين موحد وغير موحد، لا يلتقيان أبداً، لا في أول الطريق، ولا في منتصفه، ولا في آخره:{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}[الكافرون:١ - ٢]، هذه براءة واضحة، هذا هو المنهج:{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ}[آل عمران:٦٤].