[خطط إبليس في إغوائه بني آدم بعد لعن الله له وإمهاله]
لما امتنع إبليس من السجود بصده وإعراضه واستكباره وعدم إقراره بذنبه ورده لأمر خالقه كانت النتيجة: الجزاء من جنس العمل: {اخْرُجْ مِنْهَا} [الأعراف:١٨]، أي: من الجنة، وانظر إلى قول ربنا: {إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف:١٣]، والصغار أقصى مراتب الذل، استكبر فأذله الله، فالجزاء من جنس عمله: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا} [الأعراف:١٨]، فخرج إبليس من الجنة، وطرده الله سبحانه ومسخ صورته ولعنه، وكتب عليه الذل والصغار.
وبعد خروجه من الجنة، واستعلائه عن أمر ربه أمر الله عز وجل آدم بالسجود، لكن إبليس سأل الله مسألة وهي: {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر:٣٦]، فإبليس يقر لله أنه رب، أي: يقر بتوحيد الربوبية أي: خالقي، لكنه كفر بمقام توحيد العبودية والألوهية، قال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [الحجر:٣٦]، أي: إلى يوم القيامة أمهلني وأجلني، {قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} [الحجر:٣٧ - ٣٨]، هذا قدر الله سبحانه، أمهله الله عز وجل، والآية واضحة كوضوح الشمس.
هناك من أهل الجهل والسفه -ويصدقها الكثير- يوزعون ورقة عن معاذ بن جبل -كما يدعون-: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس مع أصحابه، فطرق الباب طارق، فقال: أتدرون من بالباب؟ قلنا: الله ورسوله أعلم.
قال: ذلك الشيطان الرجيم إبليس، فقال عمر: يا رسول الله! دعني أضرب عنقه).
فمن أول الحديث عرفنا أنه كذب؛ لأن عمر لا يجهل أن إبليس منظر، وهذا فيه اتهام للصحابة بالجهل بالقرآن الكريم.
كذلك مما يروجونه وصية الشيخ أحمد إلى المسلمين في بقاع الأرض: بينما أنا نائم في حضرة النبي عليه الصلاة والسلام، إذ جاء النبي في منامي وأنا نائم بجوار قبره، فقال لي: يا أحمد! إن المسلمين قد تركوا أمر الله وو إلى آخره، وفي آخرها: لا بد أن تصورها وأن توزعها، وأقل عدد عشرين صورة، ولم يصورها فلان ففصل من عمله، ولم تصورها فلانة فلم تتزوج إلى الآن، وصورها فلان وفلان فقضى الله عنه الديون.
الورقة تسدد الديون! وتفرج الكروب! وتحصل بها على وظيفة! ومع تيه المسلمين تقع في أيديهم ويصورونها مئات الصور إلى اليوم! فهذا شرك من أوسع الأبواب إن اعتقد صحة ما فيها، أقول: مزقها أو أحرقها، وإني على يقين أنك لن تصاب بأذى، فالذي يملك جلب النفع ودفع الضر هو الله سبحانه وتعالى.
فكل من شاء الآن يكتب، عندنا إباحية في مسألة الكتابة، فنحن الآن نسمع العجب، ولا بد من الضابط الشرعي في القبول عند السماع.
أيها الإخوة الكرام! لما أمهل الله إبليس، بيّن إبليس خططه، وبيّن ما يصبو إليه في إفساد البشرية، قال لربه سبحانه: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف:١٧]، حصار من الجهات الأربع، وقال: {وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} [النساء:١١٩]، هذا من مخطط الشيطان في الإفساد في الأرض.
ثم أيضاً قال الله سبحانه: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء:٦٤]، وصوت الشيطان: هو الغناء، استخفهم إبليس بالغناء، أين تذهب هذا المساء؟ قال: في حفلة غنائية راقصة، هذه الليلة سأرقص إلى الفجر، والأمة تزحف بالآلاف المؤلفة إلى العته والجنون، ومقدساتها تدك، وأطفالها تداس، وبطون نسائها تحمل من الزنى قهراً واغتصاباً، أي كرامة للأمة هذه؟ أمة عابثة.
في يوم الإثنين الماضي تدك الفلوجة بأيدي إخوان القردة والخنازير، إنا لله وإنا إليه راجعون، والله إنه للعار وإنه للدمار والشنار، لكن: لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.
أسأل الله أن ينصر الإسلام، وأن يمكن لدينه في الأرض، جسد مات! أسأل الله أن يعطيه الحياة.
فإبليس بيّن عن مقصوده وبيّن عن خططه في إفساد الخلق وإفساد البشرية، قال تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ} [الإسراء:٦٤]، أي: اركب واستخدم كل الوسائل، فالخيل إشارة إلى ركوب الخيل، والرجل إشارة إلى الترجل، استخدم كل الوسائل التي تستطيع يا إبليس! {بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ} [الإسراء:٦٤]، بالربا والرشوة، وأكل المال بالباطل، والأولاد بتسميتهم، ينسبوهم إلى غير الله، أو أن يعبدوهم لغير الله سبحانه كعبد العزى وغير ذلك، قال تعالى: {وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا