هذه المسألة من المسائل المهمة لا سيما وقد ابتدعنا فيها بدعاً ما أنزل الله بها من سلطان، كالأذكار التي يرددها البعض بين كل ركعتين، ففي بعض قرانا يقولون بعد الركعتين الأوليين: الصلاة والسلام عليك يا أول خلق الله، وبعد الركعتين التاليتين يقولون: ألف صلاة وسلام عليك يا رسول الله، وبعد الركعتين التاليتين يقولون: ثلاثة آلاف صلاة عليك يا رسول الله، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صنعاً.
وفريق آخر يقول بعد كل ركعتين: بسم الله الرحمن الرحيم {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:١] بصوت جماعي، ولا أدري من أين جاءوا بهذه السنة ولم تثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؟! والذي يلزم المسلم أن يتبع ولا يبتدع، فقد كفي، لكن الشيطان زين لهم فأغواهم عن السنة إلى الابتداع.
وأما بالنسبة لصلاة التراويح في ليالي رمضان فهي سنة مؤكدة، وحينما أقول: في ليالي رمضان فلننتبه، لأنه إذا ثبت أن غداً رمضان فستُصبح هذه الليلة من ليالي رمضان، فيُسن أن نصليها، بينما في الليلة الأخيرة عند استطلاعنا لهلال شوال إذا ثبت فلا صلاة، والواقع أننا نخالف، فلا نصلي في الليلة الأولى ونصلي في الليلة الأخيرة، وهي صلاة مسببة، أي: سببها رمضان وقد زال رمضان، فماذا تصلي يا عبد الله؟ يقول صلى الله عليه وسلم:(من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه)، وقد صلاها النبي عليه الصلاة والسلام في جماعة يوماً، ثم جاء اليوم الثاني وصلى بالصحابة، وفي اليوم الثالث ظل الصحابة ينتظرونه في المسجد إلى الفجر، فلم يخرج إليهم، ثم قال لهم:(خشيت أن تُفرض عليكم) فلما جاء عهد عمر رضي الله عنه جمع المسلمين على إمام واحد وصلى بهم جماعة.
وأما كيفيتها فهي مثنى مثنى، ويمكن أن تُصلى إحدى عشرة ركعة لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، يقول العلماء: فإن زاد فلا بأس، وربما قد يزيد في عدد الركعات ويقلل في مقدار القراءة، فإن قلل في عدد الركعات زاد في القراءة، والحاكم في هذا المأموم؛ لأن البعض ربما يطيل في الصلاة فينفّر من خلفه، ويقول: لا عبرة بهم، لا يا عبد الله، فتحبيب الناس في الصلاة أمر واجب وإطالتها من السنة، لكن لا نقلل في القراءة إلى الحد الذي يخرج التراويح عن معناها كما يفعل في بعض المساجد، فتجد أشياء عجيبة، يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، {وَالضُّحَى}[الضحى:١] الله أكبر، {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى:٢] الله أكبر، فيصلي إحدى عشرة ركعة في عشر دقائق! لأن عندهم فوازير ومسابقات، ومن سيربح المليون، فيسرعون في الصلاة حتى لا تضيع عليهم هذه المواعيد، وإذا جلسوا بعد الركعتين فكأنهم جالسون على جمر، والتراويح ما سميت (تراويح) إلا لأنهم كانوا يستريحون بين كل ركعتين، فيستغفرون ويدعون ويسبحون ويهللون، أما حالنا اليوم فإنه بمجرد أن يقول الإمام: السلام عليكم ورحمة الله يقوم الواحد منا مباشرة ويقول: الله أكبر، نسأل الله العافية.