حكم تارك صلوات يوم واحد عمداً
السؤال
رجل يصلي ويداوم على الصلاة ولكنه تخلف بالأمس عن الصلاة كلها عمداً، فهل خرج بذلك من الملة؟
الجواب
لو قرأت في كتب الفقه الحنبلي فستعلم خطورة المسألة، فقد قال الإمام أحمد في رواية -والمقصود بقولنا: قال الإمام أحمد في رواية: أن أحد تلامذته سمع منه رأياً فبلغه، وبعض تلامذته سمع رأياً آخر، فهذه رواية وهذه رواية- قال: إن الذي يترك فرضين متتابعين يستتاب، وفي رواية أخرى: ثلاثة فروض.
ورجح أصحابه رواية الثلاثة فروض؛ لأنه يمكن أن يؤخر شخص الظهر ويصليه مع العصر، فلا تقل: إنه ترك الظهر والعصر إلا بعد أن يخرج وقت العصر، لأن الظهر والعصر قد يجمعا، فآخر وقت الظهر هو غروب الشمس، وليس العصر؛ لأنه ربما جمع الظهر والعصر؛ لعذر أو لعلة.
فالراجح أنه إن ترك المسلم ثلاثة فروض متتابعة -كظهر وعصر ومغرب- يستتاب، فإن صلى وإلا قتل، ويستتاب ثلاثة أيام، فيؤتى به في اليوم الأول ويستتاب، فإن لم يصل ترك، ثم يؤتى به مرة ثانية فيستتاب، فإن لم يصل ترك مرة ثانية، ثم يؤتى به في الثالثة، فيستتاب ثلاث مرات، فمن أصر على ترك الصلاة ثلاث مرات قتل، ولا يترك الصلاة في هذه الحال تهاوناً، بل جحوداً.
فقال الحنابلة: يستتاب ثلاثاً وإلا قتل، والجمهور قالوا: يستتاب وإلا قتل.
واختلف الحنابلة والجمهور: هل يقتل حداً أم ردة، فإن قتل ردة فلا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، ولا يرث ولا يورث.
والخلاف هنا خلاف لفظي، وإن تمعنت في الخلاف وجدت أنه من المفروض أن يقتل ردة؛ لأنه لن يختار القتل على الصلاة إلا من أنكرها جحوداً، ولا يمكن أن يكون متهاوناً أو متكاسلاً عن الصلاة ويقبل بالقتل مقابل تركها؛ فلا يكون تركها إلا جحوداً.
فالذي ترك الصلاة يوماً كاملاً نقول له: تب إلى الله عز وجل، واندم على ما فعلت، ثم بعد ذلك داوم على الصلاة، والله عز وجل يعفو عنك.
وتكون الاستتابة ثلاثة أيام، ودليل الاستتابة قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً} [النساء:١٣٧].
قال علي بن أبي طالب: والآية دليل على أن المرتد يستتاب ثلاث مرات.
فيستتاب في اليوم الأول، ثم في اليوم الثاني، وهكذا ثلاث مرات.
وأما قضاء الصلاة المتروكة عمداً فقد قال شيخ الإسلام في الفتاوى: ليس على تارك الصلاة عمداً قضاء، وإنما عليه التوبة، وأن يكثر من النوافل؛ لأن القضاء يحتاج إلى دليل، ولا يوجد دليل على القضاء.
والله تعالى أعلم.