للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقومات الأمن والأمان، التي من أهمها ما يلي:

أولًا: الإيمان بالله تعالى، والاستقامة علي دينه وعبادته وحده لا شريك له، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأنعام: ٨٢]؛ أي: الذين صدَّقوا بربوبية الله تعالى، وألوهيته، وأسمائه وصفاته، وشرعه بقلوبهم وألسنتهم، وانقادوا له بجوارحهم، فأخلصوا له العبادة والطاعة، واستقاموا على دينه، ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، أولئك لهم خاصة الأمن، وهم مهتدون إلى الحق، وإلى الطريق المستقيم، لهم الأمن النفسي في حال السراء والضراء، والشدة والرخاء.

كما في قوله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر -رضي الله عنه-، وهما في الغار: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠]، وقوله -صلى الله عليه وسلم- له: «ما ظنُّك يا أبا بكرٍ باثنينِ اللهُ ثالِثُهما» (١)، فهذا يجسد الأمن في أسمى معانيه، وأعلى مراتبه.

ولهم الطمأنينة والأمن القلبي، كما قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: ٢٨].

قال -صلى الله عليه وسلم-: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمرَه كله خير، وليس ذاك لأحدٍ إلا للمؤمن، إن أصابتْه سرَّاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له» (٢).

حاله كما قال الشاعر:

سأعيشُ رغمَ الداءِ والأعداءِ … كالنَّسرِ فوقَ القمةِ الشمَّاءِ

النورُ في جَنبي وبينَ جَوانحي … فعلامَ أخشَى السيرَ في الظلماءِ (٣)

وصدق القائل:

إذا الإيمانُ ضاع فلا أمان … ولا دُنيا لمن لم يُحْيِ دينَا


(١) أخرجه البخاري في المناقب (٣٦٥٣)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٣٨١)، والترمذي في تفسير القرآن (٣٠٩٦)، وأحمد ١/ ٤ (١١) من حديث أنس -رضي الله عنه-.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) البيتان لأبي القاسم الشابي. انظر: «ديوانه» ص ١١.

<<  <   >  >>