للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن كثير -رحمه الله- (١): «ورُوينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أنه قال: ولا تظنن بكلمةٍ خرجت من أخيك المسلم إلا خيرًا، وأنت تجد لها في الخير مَحمَلًا» (٢).

ومن سلامة القلب، والنصح للمسلمين، ومحبة الخير لهم، وحسن الظن بهم: أن يكون المرء واضحًا مع إخوانه المسلمين، فلا يُضمِر لهم خلاف ما يُظهِر، ويحذر من صفة ذي الوجهين الذي إذا قابل أخاه أبدى له احترامًا وتقديرًا، فإذا غاب عنه بخل بالرد عليه على الهاتف، وما أكثر هؤلاء!

ويحذر أيضًا من أن يتقمص الشخصية الغامضة مع إخوانه، معتقدًا أن ذلك من الحِذق، والمهارة، والذكاء، والدهاء، والعقل، وما علم أن هذا من الجهل، وعدم التوفيق، وسوء الحظ والغباء.

وصدق القائل:

إذا ساء فِعلُ المرء ساءتْ ظُنونُه … وصدَّق ما يعتادُه مِن تَوَهُّمِ

وعادى مُحِبِّيه بقول عداتِه … وأصبح في ليلٍ من الشكِّ مُظلِمِ (٣)

ثامنًا: التماس الأعذار، وإقالة العَثَرات، والتغاضي عن الزلات. قال ابن سيرين: «إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا، فإن لم تجد له عذرًا فقل: لعل له عذرًا لا أعرفه» (٤).

قال الشاعر:

تأنَّ ولا تعجَلْ بلومِك صاحبًا … لعلَّ له عُذرًا وأنت تَلُومُ (٥)


(١) «تفسيره» (٧/ ٣٥٢).
(٢) أخرجه ابن أبي الدنيا في «مداراة الناس» (٤٥)، والمحاملي في «أماليه» (٤٦٠)، والسخاوي في «البلدانيات» ص (٢٥١).
(٣) البيتان للمتنبي. انظر: «أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه» للثعالبي ص (١٣٠)، «التذكرة الحمدونية» (٥/ ٦٦).
(٤) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» ٦/ ٣٢٣ (٨٣٤٢). وأخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٢/ ٢٨٥) عن أبي قلابة.
(٥) البيت لدعبل. انظر: «المنصف للسارق والمسروق منه» لابن وكيع ص (١٥٠).

<<  <   >  >>