وإن مما يؤسف له ويندى له جبين كل مسلم غيور على لغته ودينه أن يتبجح ويفتخر الكثيرون باستيراد مصطلحات ومسميات أجنبية لا تمت إلى لغتنا ولا إلى ديننا بصلة، فتجد كثيرًا من اللوحات واللافتات الإعلانية على المحلات التِّجارية، وعلى قاعات الأفراح والاستراحات، وغير ذلك بأسماء غربية أو شرقية، وهذا من علامات الذل والانهزام، والتبعية لأولئك الأقوام، ومن أكبر معاول هدم اللغة العربية لغة القرآن الكريم، فكأن اللغة العربية قد عَقِمت ولا يوجد فيها متسَع بدل هذه المسميات، وكأن من يعمل هذا فقد الانتماء للغته، ودينه، وأمته، وكأنه لم يعلم أنه لو استعاض عن ذلك بأسماء عربية إسلامية لكان في ذلك تشجيع للغته ودينه وأمته، يُؤجَر عليه بإذن الله تعالى، مع حسن النية، وأنه في استيراد تلك المسميات الأجنبية على خطر أن يؤزر، وأن بحثه عن اسم غريب أو شاذ لا يبرر له ذلك؛ لما في ذلك من التبعية لغير المسلمين على حساب لغته ودينه والولاء لأمته.
علينا أن نعمل جميعًا على إعادة الثقة بأنفسنا، وبلغتنا، وديننا، وألا نكون أذلاء تابعين لغيرنا، بل يجب علينا أن نكون أحرارًا ننظر من علو وبعين العزة والقوة، والفخر بلغتنا؛ لأنها لغة القرآن، والإسلام أعظم اللغات، وأفصحها وأوسعها وأبقاها، وأخلدها.
علينا أن نعلم أن إضاعة اللغة تعني إضاعة الذات والهُوية والانتماء، والطريق إلى عدم فهم القرآن وإضاعة الدين.
علينا أن نختار الأسماء العربية الجميلة الموشاة بنور القرآن وبهدي سنة خير الأنام، وبتراث آبائنا وأجدادنا وسلفنا المجيد التراث الخالد التليد.
علينا أن يحاسب كل فرد منا نفسه ماذا قدم للغة القرآن والإسلام، كل في مجاله، وقدر إمكانه.
(١) البيت لطَرَفَةَ بن العبد، انظر: «ديوانه» ص ٢٧.