للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

-صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أمثال ما نسِيتهن بعدُ؛ قال: «كأنهما غَمامتان أو ظُلتان سَوداوان بينهما شَرْقٌ، أو كأنهما حِزقانِ من طيرٍ صوافَّ، تُحاجان عن صاحبهما» (١).

وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: أن عُيينة بن حِصن دخل على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: هِي يا ابن الخطاب، فوالله ما تعطينا الجَزْل، ولا تحكم فينا بالعدل. فغضب عمر -رضي الله عنه-، حتى همَّ أن يوقع به، فقال له الحرُّ بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: ١٩٩]، وإن هذا من الجاهلين. قال الراوي: «والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله» (٢).

قال سفيان: «ليس في كتاب الله آية أشد علي من قوله تعالى: {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ} [المائدة: ٦٨]، وإقامتها: فهمها والعمل بها» (٣).

قال ابن باز -رحمه الله- (٤): «التدبر للقرآن مشروع كما بينه الله -عز وجل-، وهو المقصود من التلاوة، التدبر، والتعقل، والفهم، ثم العمل؛ قال الله -عز وجل-: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩].

فهو أُنزل للتدبر، قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: ٢٤].

فالمشروع للمؤمن عند التلاوة، وهكذا المؤمنة: التدبر، والتعقل، والتفهم، يعني: تدبر المعنى، ما هو المعنى، يتفهم حتى يعمل، حتى يوصي الناس به».

وقال ابن عثيمين -رحمه الله- (٥): «ينبغي للإنسان أن يتفكر في آيات الله الشرعية في القرآن والسنة، فيتدبر الآيات ليتبين له من أحكامها ما شاء الله، ثم يتدبر مرة أخرى في الحكم


(١) أخرجه مسلم في صلاة المسافرين وقصرها (٨٠٥)، والترمذي في فضائل القرآن (٢٨٨٣)، وأحمد ٤/ ١٨٣ (١٧٦٣٧).
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة الأعراف (٤٦٤٢)، وفي الاعتصام بالكتاب والسنة (٧٢٨٦).
(٣) انظر: «كتاب البدع والحوادث» ص ١٠١.
(٤) «مجموع فتاوى ابن باز» ٢/ ٣٠١ - ٣٠٢.
(٥) في «أحكام القرآن» ٢/ ١٣٨.

<<  <   >  >>