للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أن من الناس من يمنعه الكِبر والتعاظم على الآخرين، والتعالي عليهم من البداءة بالسلام.

«وإذا دعاك فأجبه»؛ أي: وإذا دعاك أخوك المسلم للطعام ونحو ذلك فأجبه؛ لأن هذا مما يوجِد الألفة والمحبة، ويقوي الأخوة بين المسلمين.

«وإذا استنصحك فانصحه»؛ أي: إذا طلب منك النصيحة والمشورة في أمر ديني، أو دنيوي، فأعطه محض النصيحة والمشورة، ولا تبخل بذلك، ولا تغُشه.

والنصيحة للمسلمين واجبة مطلقًا، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «الدين النصيحة». قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم» (١).

لكن يتأكد وجوب النصيحة للمسلم إذا استنصحك.

والمصيبة أن كثيرًا من المسلمين يعيش لنفسه فقط، ولا يعنيه أمر النصيحة لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم في شيء، قد جعل من الأنانية له شِعارًا ودِثارًا حتى في أعظم الواجبات عليه، لسانُ حالِه ومقالِه مقالةُ بعضِ الجاهلين: «خلِّ النصائحَ تخليك الفضائح».

قوله -صلى الله عليه وسلم-: «وإذا عطس فحمد الله فشمِّته»؛ أي: وإذا عطس، وقال: «الحمد لله» فشمِّته بقولك: «يرحمك الله». ويقول هو: «يهديكم الله ويُصلِحُ بالكم» (٢).

أما إذا لم يحمد الله فإنه لا يشمته، كما فعل -صلى الله عليه وسلم- مع من عطس ولم يحمد الله (٣).


(١) أخرجه مسلم في الإيمان (٥٥)، وأبو داود في الأدب (٤٩٤٤)، والنسائي في البيعة (٤١٩٧ - ٤١٩٨) من حديث تميم الداري -رضي الله عنه-. وأخرجه النسائي في الموضع السابق (٤١٩٩، ٤٢٠٠)، والترمذي في البر والصلة (١٩٢٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب (٦٢٢٤)، وأبو داود في الأدب (٥٠٣٣)، وأحمد ٢/ ٣٥٣ (٨٦٣١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه الترمذي في الأدب (٢٧٤١) من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه-. وأخرجه ابن ماجه في الأدب (٣٧١٥) من حديث علي -رضي الله عنه-.
(٣) أخرجه البخاري في الأدب (٦٢٢٥)، ومسلم في الزهد والرقائق (٢٩٩١)، والترمذي في الأدب (٢٧٤٢) من حديث أنس -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>