للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: تبادل الاحترام والتقدير فيما بينهم، والبشاشة والابتسام مع السلام عند لقاء بعضهم بعضًا، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «تبسُّمُك في وجه أخيك صدقة» (١).

وعن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-، قال: «ما حَجَبَني النبي -صلى الله عليه وسلم- منذُ أسلمتُ ولا رآني إلا تبسم في وجهي» (٢).

ولنا به صلوات الله وسلامه عليه أسوة وقدوة، فمع شغله الشاغل صلوات الله وسلامه عليه في تدبر شؤون الأمة كلها قد وجد وقتًا للتبسم في وجوه أصحابه -رضي الله عنهم-، وصدق الله العظيم: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤].

والمصيبة أنك تجد كثيرًا من المسلمين لا يعرف البشاشة ولا الابتسامة، ولا مكان لهما عنده، بل يظهر ضد ذلك عندما يلتقي بإخوانه المسلمين، اللهم إلا مع أهل معرفته خاصة.

ولا شك أن في هذا نقصًا عظيمًا، وبعدًا عن أخلاق المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، وأخلاق المؤمنين، وأخلاق أهل الجنة.

وقد يقول قائل: إن هذا طبع! وقد قيل: «حدِّر جبلًا، ولا تحدِّر طبعًا».

وهذا ليس بصحيح؛ فإن العلم بالتعلُّم، والحلم بالتحلُّم، والخُلق بالتخلُّق، ولو كان الإنسان لا يستطيع أن يغير من أخلاقه وسلوكه، وكما يقال: «أيٌّ كذا خُلِقت … »، ما كان هناك تكليف، ولا جنة ولا نار!

فلأهل الجنة أخلاقهم، ولأهل النار أخلاقهم، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أخبركم بأهل الجنة؟! كل ضعيف مُتَضَعَّف لو أقسم على الله لأبره، ألا أخبركم بأهل النار، كل عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُتكبِّر» (٣).


(١) أخرجه الترمذي في البر والصلة (١٩٥٦)، والبخاري في «الأدب المفرد» (٨٩١) من حديث أبي ذر -رضي الله عنه-. قال الترمذي: «حسن غريب». وصححه الألباني في «الصحيحة» (٥٧٢).
(٢) أخرجه البخاري في الجهاد والسير (٣٠٣٥)، ومسلم في فضائل الصحابة (٢٤٧٥)، والترمذي في المناقب (٣٨٢١)، وابن ماجه في المقدمة (١٥٩)، وأحمد ٤/ ٣٥٩ (١٩١٧٩).
(٣) أخرجه البخاري في التفسير (٤٩١٨)، ومسلم في صفة القيامة والجنة والنار (٢٨٥٣)، والترمذي في صفة جهنم (٢٦٠٥)، وأحمد ٤/ ٣٠٦ (١٨٧٢٨) من حديث حارثة بن وهب الخزاعي -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>