للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن شذَّ شذَّ في النار، وإنما يأكل الذئبُ من الغنمِ القاصيةَ».

والمصيبة أن فريقًا من الناس زيادة على تركه التعاونَ مع إخوانه في الدعوة إلى الخير، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تجده يثبط القائمين بذلك، فبدلًا من كونه يقوم بذلك، أو يعين من قام به، ويشجعه، تجده يثبط القائمين بذلك، وهذا بلا شك دلالة على الخِذلان، وعدم التوفيق، وقد قال الله تعالى: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليقلْ خيرًا أو ليصمت» (١).

قال الأوزاعي: «ليعلم كل منكم أنه على ثغرٍ من ثغور الإسلام، فالله الله أن يُؤتَى الإسلام من قِبَله» (٢).

وقال الشاعر:

تأبى الرِّماحُ إذا اجتمعنَ تكسُّرًا

وإذا افترقنَ تكسَّرت آحادا (٣)

رابعًا: إصلاح ذات بينهم، كما قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [الأنفال: ١]، وقال تعالى: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: ١٠]، وقال تعالى: {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: ١٢٨].

والأمر في قوله: {وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ}، وفي قوله: {فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} للوجوب، فلا يجوز أن يقف المسلمون تجاه الفئات المتقاتلة أو المتنازعة من إخوانهم المسلمين موقف المتفرج، كما هو حال كثير من المسلمين اليوم، وربما عمد بعضهم وعمل على إشعال نار الفتنة، وزيادتها؛ نسأل الله تعالى العافية والهداية.

وقد قال -عز وجل-: {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ


(١) أخرجه البخاري في الأدب (٦٠١٨)، ومسلم في الإيمان (٤٧)، وأبو داود في الأدب (٥١٥٤)، والترمذي في صفة القيامة (٢٥٠٠)، وابن ماجه في الفتن (٣٩٧١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه مالك في صفة النبي -صلى الله عليه وسلم- (٢/ ٩٢٩)، والبخاري في الأدب (٦٠١٩)، ومسلم في الإيمان (٤٨) من حديث أبي شريح الكعبي -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه محمد بن نصر المروزي في «السنة» (٢٩).
(٣) انظر: «الأغاني» ٤/ ١١٢، «مجمع الزوائد» ٨/ ١٢٦، «كنز العمال» ١٣/ ٦٠٠ (٣٧٥٥٢).

<<  <   >  >>