للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥ ينبغي أن يحرص المضيف على خدمة ضيوفه بتقديم القهوة والطعام والشراب لهم؛ إكرامًا لهم، ولا يكلفهم خدمة أنفسهم، كما يقال: «اخدم نفسك بنفسك»؛ لمنافاة هذا لمبادئ الكرم والضيافة والعادات العربية والإسلامية الأصيلة، كما ذكر -عز وجل- عن إبراهيم الخليل -عليه الصلاة والسلام- مع ضيوفه من الملائكة، قال تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤) إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ} [الذاريات: ٢٤ - ٢٧].

قال ابن القيم -رحمه الله-: «فقد جمعت هذه الآية آداب الضيافة، التي هي أشرف الآداب، وما عداها من التكلفات التي هي تخلف وتكلف إنما هي من أوضاع الناس، وعوائدهم، وكفى بهذه الآداب شرفًا وفخرًا» (١).

وقال ابن كثير في «تفسيره» (٢): «وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة، فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة، ولم يمتنَّ عليهم أولًا فقال: نأتيكم بطعام، بل جاء به بسرعة وخفاء، وأتى بأفضل ما وجد من ماله، وهو عجل فتي سمين مشوي، فقربه إليهم، لم يضعْه وقال: «اقترِبوا، بل وضعه بين أيديهم، ولم يأمرهم أمرًا يشُق على سامعه بصيغة الجزم، بل قال: «ألا تأكلون» على سبيل العرض والتلطف».

فلله ما أجمل مبادئ الإسلام، وأعظمها، وأكملها! فإن خدمة الضيف هي غاية الإكرام والجود والتقدير، بخلاف تركه يخدم نفسه فليس من الإكرام في شيء.

٦ تفادي الإسراف، فقد قال -عز وجل-: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأعراف: ٣١]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: «كلوا واشربوا والْبَسوا وتصدقوا من غير إسرافٍ ولا مَخِيلة» (٣). فإن زاد شيء من الطعام أُعطي لمن يأكله من المحتاجين؛ تقديرًا للنعمة وحفظًا لها.

٧ كثُر امتهان التصوير في حفلات الأفراح مؤخرًا، وبرزت بسبب ذلك بعض


(١) انظر: «بدائع التفسير» (٤/ ٢٣٩).
(٢) (٧/ ٣٩٧).
(٣) أخرجه البخاري في اللباس معلقًا قبل (٥٧٨٣)، وأخرجه ابن ماجه في اللباس (٣٦٠٥)، وأحمد ٢/ ١٨١ (٦٦٩٥) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>