للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: صيام يوم عرفة، فعن أبي قتادة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «صيام يوم عرفة، أحتسِب على الله أن يكفر السنةَ التي قبله، والسنة التي بعده» (١).

ويوم عرفة من أفضل الأيام، فينبغي الإكثار فيه من الدعاء؛ لأنه يوم تتنزل فيه الرحمة، ويتجاوز الله فيه عن الذنوب العظام، كما في حديث طلحة بن عبيد الله بن كَريز (٢).

رابعًا: صلاة العيد: أجمع العلماء على أن صلاة العيدين مشروعة؛ لقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: ٢]؛ أي: فصلِّ صلاة العيد، وانحر أُضحِيَّتَك، وهذه الآية في صلاة عيد الأضحى بدلالة قوله: {وَانْحَرْ}.

ومن أهل العلم من قال: هذه الآية عامة، وليست خاصة بصلاة العيد، ونحر الأضحية؛ أي: أفرد ربك بالصلاة والذبح، فهي كقوله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٢، ١٦٣].

فلا دلالة في الآية على مشروعية صلاة العيد، ولا على وجوبها.

وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول الله أن نخرجهن في الفطر، والأضحى: العواتق (٣) والحُيَّض، وذوات الخُدُور (٤). فأما الحيَّض فيعتزِلن الصلاة، ويشهَدن الخير، ودعوة المسلمين. قلت: يا رسول الله، إحدانا لا يكون لها جِلباب؟ قال: «لِتُلْبِسْها أختها


(١) أخرجه مسلم في الصيام (١١٦٢)، وأبو داود في الصوم (٢٤٢٥)، والترمذي في الصوم (٧٤٩)، وابن ماجه في الصيام (١٧٣٠)، وأحمد ٥/ ٣٠٨ (٢٢٦٢١).
(٢) أخرجه مالك في الحج (١/ ٤٢٢)، وعنه عبد الرزاق في «مصنفه» ٤/ ٣٧٨ (٨١٢٥)، ٥/ ١٧ (٨٨٣٢)، والطبري في «جامع البيان» (١١/ ٢٢٤)، والبيهقي في «شعب الإيمان» ٥/ ٤٩٨ (٣٧٧٥) من حديث طلحة بن عبيد الله بن كَريز مرسلًا: «ما رئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ، منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما أُري يوم بدر». قال ابن كثير في «تفسيره» (٤/ ٦٦): «وهذا مرسل من هذا الوجه». وقد رواه البيهقي في «شعب الإيمان» ٥/ ٤٩٨ (٣٧٧٦) موصولًا عن طلحة بن عبيد الله عن أبي الدرداء -رضي الله عنه-.
(٣) العواتق: جمع عاتق، وهي من بلغت أو قاربت بلوغ الحُلم، واستحقت التزويج.
(٤) ذوات الخدور: الأبكار.

<<  <   >  >>