للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نعم والله إننا مساكين، فما أكثر الذين خرجوا ويخرجون من الدنيا وما ذاقوا

هذه اللذة!

وقال الحسن -رحمه الله-: «تفقدوا حلاوة الإيمان في ثلاث: في الصلاة، وذكر الله، وقراءة القرآن، فإن لم تجدوها فاعلموا أن الباب مغلق» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- (٢): «إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة».

فليت شعري من ذاق منا تلك اللذّة، لذة الإيمان، ومن دخل منا تلك الجنة جنة التنعم بتلقي أوامر الديان وخدمته، والتلذذ بمناجاته وعبادته، والتوكل عليه، فهذا غاية الربح ومنتهى السعادة، نسأل الله الكريم من فضله.

فَتَذَوَّق أخي لذة الإيمان، وتنعم بجنة الدنيا بالانقياد للملك الديان وأسلم وجهك له، وسلِّم أمرك إليه، كما قال -عز وجل-: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣]، فإن أخذت بهذا، فأبشر فأنت ولدت الآن!

هنا تجد في نفسك محبة الله تعالى ومحبة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ومحبة الخير وأهله، ومحبة المسارعة لأداء الواجبات من حقوق الله وحقوق الخلق، وأعمال البر كلها، والورع عن المحرمات.

هنا تجد في الله تعالى عوضًا عن كل ما فاتك من الدنيا، ولا تأس على شيء منها، وإنما تحزن على فوات نصيبك من ربك.

هنا تجد قلبك معلقًا بالمساجد، تجد أحلى صوت تسمعه: الله أكبر.

هنا تجد أسعد اللحظات في عمرك وقوفك مصليًا تناجي ملك الملوك، أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين، المولى العزيز الرحيم.

هنا تجد القناعة في نفسك، تجدك لا تشعر بالفراغ النفسي لامتلاء قلبك بحب الله وما


(١) أخرجه أبو نعيم في «حلية الأولياء» (١٠/ ١٤٦)، و «شعب الإيمان» ٩/ ٣٨٥ (٦٨٣٤)، و «الرسالة القشيرية» ٢/ ٣٧٨، و «مدارج السالكين» (٢/ ٣٦٩).
(٢) انظر: «الوابل الصيب» ١/ ٦٩.

<<  <   >  >>