للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك قد ثبَت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحاديث الصحيحة، أما إن كان مأمومًا فإنه يقول عند الرفع: «ربَّنا ولك الحمد» إلى آخِرِ ما تقدم، ويُستحب أن يضع كل منهم يديه على صدره، كما فعل في قيامه قبل الركوع؛ لثبوت ما يدل على ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث وائل بن حُجر وسهل بن سعد -رضي الله عنهما-.

٩ يسجد مكبرًا واضعًا ركبتيه قبل يديه إذا تيسر ذلك (١)، فإن شق عليه قدم يديه قبل ركبتيه، مستقبلًا بأصابع رجليه ويديه القبلة، ضامًّا أصابع يديه، ويكون على أعضائه السبع: الجبهة مع الأنف، واليدين، والركبتين، وبطون أصابع الرجلين، ويقول: «سبحان ربيَ الأعلى»، ويكرر ذلك ثلاثًا أو أكثر، ويُستحب أن يقول مع ذلك: «سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي»، ويكثِر من الدعاء؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أما الركوع فعظِّمُوا فيه الربَّ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقَمِنٌ أن يُستجاب لكم» (٢)، وقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ، فأكثروا الدعاءَ»؛ رواهما مسلم في «صحيحه» (٣)، ويسأل ربَّه له ولغيره من المسلمين من خير الدنيا والآخرة، سواء كانت الصلاة فرضًا أو نفلًا، ويجافي عَضُدَيه عن جنبيه وبطنه عن فَخِذيه، وفَخِذَيه عن ساقيه، ويرفع ذراعيه عن الأرض؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اعتدِلوا في السجود، ولا يَبسُطْ أحدكم ذراعيه انبساطَ الكلبِ»؛ متفق عليه (٤).


(١) قال ابن القيم -رحمه الله-: «وكان -صلى الله عليه وسلم- يضع ركبتيه قبل يديه، ثم يديه بعدهما، ثم جبهته وأنفه، هذا هو الصحيح». ثم ذكر الأحاديث، والخلاف في ذلك. انظر: «زاد المعاد» ١/ ٢٢٣ - ٢٣٢. وانظر: «رسالة الصلاة» للإمام أحمد ص ٣٠، وهكذا اختار فضيلة الشيخ محمد بن صالح العيثمين -رحمه الله- في رسالته في صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه يضع ركبتيه قبل يديه، وقد اختار فضيلة الشيخ محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في رسالته في «صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-» أنه يضع يديه قبل ركبتيه. فقرة (٨٨).
(٢) أخرجه مسلم في الصلاة (٤٧٩)، وأبو داود في الصلاة (٨٧٦)، والنسائي في التطبيق (١٠٤٥)، وأحمد ١/ ٢١٩ (١٩٠٠)، والدارمي ١/ ٣٤٩ (١٣٢٦) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(٣) أخرجه مسلم في الصلاة (٤٨٢)، وأبو داود في الصلاة (٨٧٥)، والنسائي في التطبيق (١١٣٧)، وأحمد ٢/ ٢٤١ (٩٤٦١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٤) أخرجه ابن ماجه في إقامة الصلاة والسنة فيها (٨٩٨)، وأحمد ١/ ٣١٥ (٢٨٩٥) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. قال الألباني في «صفة صلاة النبي» ص (١٥٣): «أخرجه ابن ماجه بسند جيد».
قال ابن القيم: «وكان إذا سجد مكَّن جبهته وأنفه من الأرض، ونحَّى يديه عن جنبيه، وجافى بهما حتى يُرى بياض إِبْطيه. وكان يضع يديه حذو منكبيه وأذنيه. وكان يعتدل في سجوده، ويستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلةَ. وكان يبسط كفيه وأصابعه، ولا يُفرج بينها، ولا يقبِضها». «زاد المعاد» ١/ ٢٣٢. وانظر: «رسالة الصلاة» للإمام أحمد ص ٣١.

<<  <   >  >>