للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشورى: ٤٠]، فلا أحد يقدِّر قدْر أجره إلا مَن تكفل به، وهو الله -عز وجل-، كما قال تعالى في الصوم: «الصوم لي وأنا أَجْزي به» (١).

وامتدح -عز وجل- من صبر وغفر بأنه من أهل عزائم الأمور، فقال تعالى: {وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ} [الشورى: ٤٣]؛ وذلك لأنه جمع بين الصبر والعفو والستر.

ورغَّب -عز وجل- بالعفو، وبيَّن أنه أقرب للتقوى، فقال -عز وجل-: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: ٢٣٧].

ورتَّب -عز وجل- على العفو والصفح المغفرة والرحمة، فقال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} [النور: ٢٢]، وقال تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التغابن: ١٤].

ورغَّب -عز وجل- بدفع السيئة بالحسنة مبينًا أثرها العظيم في جعل العدو صديقًا، وأنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظ العظيم، فقال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: ٣٤، ٣٥].

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «ما نَقَصَ مالٌ من صدقة، وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عِزًّا، وما تواضع أحدٌ لله إلا رَفَعَه الله» (٢).

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا كان يومُ القيامة نادى منادٍ يقول: أين العافون عن الناس؟ هلُمُّوا إلى ربكم وخُذوا أجورَكم، وحقٌّ على كل امرئٍ عفا أن يدخلَ


(١) أخرجه مالك في الصيام (١/ ٣١٠)، والبخاري في الصوم (١٩٠٤)، وفي التوحيد (٧٤٩٢)، ومسلم في الصيام (١١٥١)، والنسائي في الصيام (٢٢١٦ - ٢٢١٨)، والترمذي في الصوم (٧٦٤)، وابن ماجه في الصيام (١٦٣٨)، والدارمي ٢/ ٤٠ (١٧٧٠)، وأحمد ٢/ ٢٥٧ (٧٤٩٤) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-. وأخرجه النسائي في الموضع السابق (٢٢١١) من حديث علي -رضي الله عنه-. وفي (٢٢١٢) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. وفي (٢٢١٣) من حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-.
(٢) أخرجه مسلم في البر والصلة (٢٥٨٨)، والترمذي في البر والصلة (٢٠٢٩)، وأحمد ٢/ ٢٣٥ (٧٢٠٦)، والدارمي ١/ ٤٨٦ (١٦٧٦) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>