بمصر خلق تحت الهدم قال: ثم هدمت نابلس، وذكر خسفاً عظيماً، وأحصى من هلك في هذه السنة فكان ألف ألف ومائة ألف. وفيها كانت مراسلات الأمراء من مصر للأفضل والظاهر، وكرهوا العادل، وتطيروا بكعبة أسرع الأفضل إلى حلب، فخرج معه أخوه واتفقا على أن تكون دمشق للأفضل، ثم يسيران إلى مصر، فإذا ملكاها استقر بها الأفضل وتبقى الشام كلها للظاهر. فنازلوا دمشق وبها المعظم، وقدم أبوه إلى نابلس، فاستمال الأمراء وأوقع بين الأخوين - وكان من دهاة الملوك - فترحلوا. وكان بخراسان فتن وحروب عظيمة على الملك. وفيها توفي الإمام العلامة الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي البغدادي التميمي البكري نسبة إلى أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - كان علامة عصره وإمام وقته في أنواع العلوم من التفسير والحديث والفقه والوعظ والسير والتواريخ والطب وغير ذلك. ووعظ من صغره وعظاً فاق فيه الأقران، وحصل له القبول التام والاحترام. حكي أن مجلسه حزر بمائة ألف، وحضر مجلسه الخليفة المستضيء مرات من وراء الستر. وصنف في فنون عديدة منها زاد المسير في علم التفسير أربعة أجزاء اتى فيها بأشياء غريبة - وله في الحديث تصانيف كثيرة، وله: المنتظم في التاريخ، وهو كتاب كبير، وله: الموضوعات، في أربعة أجزاء ذكر فيها كل حديث موضوع. وله تنقيح فهوم الأثرة على وضع كتاب المعارف لابن قتيبة - وبالجملة فكتبه أكثر من أن تعد، وكتب بخطه شيئاً كثيراً، والناس يغالون في ذلك. قال ابن خلكان حتى نقلوا أن الكراريس التي كتبها جمعت وحبست مدة عمره، وقسمت الكراريس على المدة فكان ما خص كل يوم تسع كراريس. قال: وهذا شيء عظيم لا يقبله العقل. قلت: وهو كما قال: ويقال إنه جمعت براية أقلامه التي كتب بها حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فحصل منها شيء كثير. وأوصى أن يسخن الماء الذي يغسل به - بعد موته - بها، فكفت وفضل منها. وله أشعار لطيفة،....منها قوله معرضاً بأهل بغداد: