الذي تلقاه باليمن معروف، وتصديقه بملة سؤدده الذي تفرد بالوحي لنظم شارده وقسم متبدده بعرق الجبين مألوف، حتى لقد أصبح للفضل كعبة لم يفترض حجتها على من استطاع إليها السبيل، ويقتصر بقصدها على ذي القدرة دون المعتر وابن السبيل، فإن لكل منهم حظًا يستمده، ونصيبًا يستفيد به ويستعده فللعظماء الشرف الضخم من معينه، وللعلماء اقتناء الفضل من فطينه، وللفقراء توقيع الأمان من نوائب الدهر وغض جفونه، وفرضوا من مناسكه للنهجة الشريعة السلام والتبجيل، وللكف البسيطة الإستلام والتقبيل.
ثم قال بعد كلام مشتمل على ألفاظ فضيلة ومعان جميلة: وقد كان المملوك فارق ذلك الجناب الشريف، وانفصل عن مقر العز اللباب، والفضل المنيف، أراد استعتاب الدهر الكالح، واستدبار صلف الزمن الغشوم والجامح، اعتذار أبان في الحركة بركة، والاغتراب داعية الاكتساب، والمقام على الاقتراب ذلك واستقام وحبس البيت، في المحافل سكيت:
فودعت من أهلي وفي القلب ما به ... وسرت عن الأوطان في طلب اليسر
سأكسب مالا أو أموت ببلدة ... يقل بها فيض الدموع على قبري
فامتطأ غارب الأمل إلى الغربة، وركب ركب التطواف مع كل صحبه، قاطع الأغوار والأنجاد، حتى بلغ السد، أو كاد، فلم يرفق به زمان حزون ولا مكان حرون، فلكأنه في جفن الدهر قذى، وفي حلقه شجى، تدافعه آمال الأمنية حتى أسلمته إلى ربقة المنية.
لا يستقر بأرض أو يسير إلى أخرى ... لشخص قريب عزمه نأى