للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروح شهيد الحب أيضًا وجسمه ... باجوافها قد نعما ليس في القبر

كذاك روينا عن رجال له رأوا ... بأبصارهم جوف القرافة من مصر

وممن رأى ذاك الإمام الذي جلا ... لنا من مليحات المعارف من بكر

ونحو أخمارًا كاشفًا عن محاسن ... بها هام كم صب وكم حام من فكر

بحور معانيها جلا در نظمه ... سقى مشربًا بالشعر لم يسق في شعر

غريم الهوى حلف الغرام ابن فارض ... لدي عارض قد شاهد السابق الذكر

ومن المشهور أنه وقع للشيخ شهاب الدين السهروردي رضي الله عنه قبض في بعض حجابة، فخطر بقلبه. ترى هل ذكرت في هذا الموسم؟ فسمع قائلاً يقول له من فوره في سوق الغزل، فأتى إليه الشيخ ابن الفارض المذكور، فأنشده قبل أن الشيخ شهاب الدين استنشده من قريضه، فأنشده قصيدة مفتتحها:

ما بين معترك الأحداق والمهج ... أنا القتيل بلا ذنب ولا حرج

ثم استمر في إنشادها إلى أن قال:

أهلا بما لم أكن أهلا لموقعه ... قول المبشر بعد اليأس بالفرج

لك البشارة فاخلع ما عليك فقد ... ذكرت ثم على ما فيك من عوج

فقام الشيخ شهاب الدين، فتواجدوا من عنده من شيوخ الوقت الحاضرين، وكان المجلس عامراً بشيوخ أجلاء، وسادة أولياء، فخلع عليه هو والحاضرون قيل: أربع مائة خلعة، ومن نظمه الفائق المعري كل عاشق:

فإن شئت أن تحيي سعيدًا فمت به ... شهيدًا وإلا، فالغرام له أهل

فمن لم يمت في حبه لم يعش به ... ودون اجتناء النخل ما جنت النخل

وما أحسن قوله:

نصحتك علمًا بالهوى والذي أرى ... مخالفتي، فاختر لنفسك ما يحلو

بعد قوله:

هو الحب فاسلم بالحشا ما الهوى سهل

وأما قول ابن خلكان في ترجمته: وله ديوان شعر لطيف، وأسلوبه فيه ظريف ينحو منحى طريقة الفقراء، فلم يوفه بعض ما يليق بمشربه وذوقه وارتياحه وشوقه لكنه قد أحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>