للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصاحب حمص وأصحاب المشرق على الخروج على الملك الكامل، ولم يبق مع الملك الكامل سوى ابن أخيه الملك الناصر صاحب الكرك، فإنه توجه إلى خدمته بالديار المصرية، فلما اتفقوا وعزموا على الخروج على الملك الكامل مرض الملك الأشرف مرضاً شديداً، وتوفي بدمشق، ودفن بقلعتها، ثم نقل إلى القرية التي أنشئت له بالكلاسة في الجانب وتوفي بدمشق، ودفن بقلعتها، ثم نقل إلى القرية التي أنشئت له بالكلاسة في الجانب الشمالي من جامع دمشق، وكانت ولادته سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، وكان سلطاناً كريماً حليماً، واسع الصدر، كريم الأخلاق كثير العطاء لا يوجد في خزانته شيء من المال مع اتساع مملكته، ولا يزال عليه الديون للتجار وغيرهم، وطرب ليلة في مجلس أنسه على بعض الملاهي، فقال لصاحب الملاهي، تمن علي، فقال: تمنيت مدينة خلاط، فأعطاه إياها، فتوجه لقبضها من النائب، فعوضه عنها النائب جملة كثيرة من المال، وله غرائب كثيرة، وكن يميل إلى أهل الخير والصلاح، ويحسن الاعتقاد فيهم، وبنى بدمشق دار حديث، وفوض تدريسها إلى الشيخ أبي عمرو بن صلاح، وله مآثر حسنة كثيرة وقد مدحه أعيان شعراء عصره، وخلدوا مدائحه في دواوينهم، وكان محبوباً إلى الناس، مسعوداً مؤيداً في الحروب، لقي أرسلان شاه صاحب الموصل، وكان من الملوك المشاهير، وتواقعاً، فكسره الملك الأشرف، واتسعت مملكته حين توفي أخوه الملك الأوحد، فأخذ مملكته، وبسط العدل على الناس، وأحسن إليهم إحساناً لم يعهده ممن كان قبله، وعظم وقعته في قلوب الناس، وبعد صيته وجرت له مع صاحب الروم وابن عمه الملك الأفضل وقائع مشهورة.

وفيها توفي أبو المحاسن يوسف بن إسماعيل المعروف بالشفا، كان أديباً فاضلاً متفنناً بعلم العروض والقوافي شاعراً، يقع له في النظم معان بديعة في البيتين والثلاثة، وله ديوان شعر كبير يدخل في أربع مجلدات.

قال ابن خلكان: وكان حسن المحاورة مليح الإيراد مع السكون جميل التأني.

وأنشدته يوماً في أثناء مناشدته لي قول شرف الدين أبي المحاسن المعروب بابن عنين:

مال ابن سارة دونه لعفاته ... خرط القتادة أو مثال الفرقد

كان لزوم الجمع يمنع صرفه ... في راحة مثل المنادى المفرد

<<  <  ج: ص:  >  >>