للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: هذا ليس يجيد، فقلت: ولم؟ قال: ليس من شرط المنادي المفرد أن يكون مضموماً، فقد يكون المنادي مفرداً ولا يكون مضموماً بأن يكون نكرة معين كما تقول: يا رجلاً، ولكن أنا أعمل شيئاً في هذا. قال: ثم اجتمعنا بعد ذلك في الجامع، فقال: قد عملت في ذلك المعنى بيتاً فاسمعه، ثم أنشأ يقول:

لنا خليل له خلال ... تعرب عن أصله الأخس

أضحت له مثل حيث كف ... وددت لو أنها كأمس

قلت: يعني أن كفه مضمومة مثل حيث مضمومة بالبناء لأجل بخله فليتها مكسورة العظم كأمس المكسور بالبناء، والنظم الأول قد بالغ في وصفه بالبخل لتشبيهه وصول العفاة إلى ماله بخرط القتاد في الصعوبة، وكمثال الفرقد في البعد، والعفاة الطلاب جمع عاف، وشبه ماله في البيت الثاني في عدم صرفه إلى غيره بصيغة منتهى الجموع في عدم صرفه في لأعراب كمساجد ودراهم، وشبه راحته في كونها مضمومة لا يبسطها للبذل بالمنادى المفرد المبني على الضم مصل يا زيد ويا رجل لرجل بعينه.

واعترض عليه صاحب النظم الثاني بكون المفرد قد لا يكون مضموماً مثل قول لأعمى: يا رجلاً خذ بيدي لرجل لا بعينه، ثم اعترض ابن خلكان على المعترض بما سيأتي ذكره.

قال ابن خلكان: فقلت له وهذا أيضاً فيه كلام، فقال: وما هو؟ فقلت: حيث فيها لغات آخر، فمن العرب من بناها على الضم، ومنهم من بناها على الفتح، ومنهم من بناها على الكسر، وفيها لغات أخر غير هذه وأما أمس فمنهم من بناها على الكسر، ومنهم من يقول: إنها اسم معرب لكنه لا ينصرف، وأنشدوا على هذه اللغة.

لقد رأيت عجبًا مذ أمسا ... عجائزاًمثل السعالى خمسا

قلت: هذا إذا كانت أمس نكرة، فإن كانت معرفة أعربت قولاً واحدًا قال فسكت. وفيها توفي الملك الكامل أبو المعالي محمد ابن الملك العادل، كان سلطاناًمعظمًا، جليل القدر، محترماً، جميل الذكر، مكرمًا للعلماء، متمسكاًبالسنة، حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>